يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ) ولا يلتقط الكبير (١). وقوله (٢) : (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) ، وذلك أمر يختص بالصّغار ، فمن هاهنا أخذ مالك وغيره أنّه غلام.
المسألة الثانية ـ قوله تعالى : (وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً).
قيل : الضمير في «أسرّوه» يرجع إلى الملتقطين.
وقيل : يرجع إلى الإخوة ، فإن رجع إلى الإخوة كان معنى الكلام أنهم كتموا أخوّته ، وأظهروا مملوكيته ، وقطعوه عن القرابة إلى الرق. وإن عاد الضمير إلى الملتقطين كان معنى الكلام أنهم أخفوه عن أصحابهم ، وباعوه دون علمهم بضاعة اقتطعوها عنهم ، وجحدوها منهم ، وساعد يوسف على ذلك كله تحت التخويف والتهديد.
وروى عن الحسن بن علىّ أنه قضى بأن اللقيط حرّ ، وقرأ (٣) : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ).
وكذلك يروى عن علىّ وجماعة. وقال إبراهيم : إن نوى رقّه فهو مملوك ، وإن نوى الحسبة فيه فهو حرّ.
وقد روى الزهري قال : كنت عند سعيد بن المسيّب فحدثه سنين أبو جميلة ، قال : وجدت منبوذا على عهد عمر ، فأخذته فانطلق عريفى ، فذكره لعمر ، فدعاني عمر والعريف عنده ، فلما رآني مقبلا قال : عسى الغوير أبؤسا. قال الزهري : مثل كان أهل المدينة يضربونه (٤). قال عريفى : يا أمير المؤمنين ، إنه لا يتهم به ، فقال لي : علام أخذت هذا؟ قلت : وجدته نفسا بمضيعة ، فأحببت أن يأجرنى الله. قال : هو حرّ وولاؤه لك ورضاعته علينا.
الآية الخامسة ـ قوله تعالى (٥) : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ).
فيها خمس مسائل :
__________________
(١) هنا في م بالهامش : مسائل اللقيط.
(٢) آية ١٣.
(٣) آية ٢٠.
(٤) مثل لكل ما يخاف أن يأتى منه شر.
(٥) آية ٢٠.