المسألة الأولى ـ يقال : شريت بمعنى بعت ، وشريت بمعنى اشتريت لغة ، والبخس : الناقص ، ومنه قوله تعالى (١) : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) ، وهي :
المسألة الثانية ـ وقيل في بخس إنه بمعنى حرام ، ولا وجه له ، وإنما الإشارة فيه إلى أنه لم يستوف ثمنه بالقيمة ، لأن إخوته إن كانوا باعوه فلم يكن قصدهم ما يستفيدون من ثمنه ، وإنما كان قصدهم ما يستفيدون من خلوّ وجه أبيهم عنه. وإن كان الذين باعوه هم الواردة فإنهم أخفوه مقتطعا ، أو قالوا لأصحابهم : أرسل معنا بضاعة ، فرأوا أنه لم يعطوا عنه ثمنا ، وأن ما أخذوا فيه ربح كلّه.
المسألة الثالثة ـ قوله : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ).
إخوته أو الواردة على التقديرين المتقدمين ، لم يكن عندهم أمره عبيطا (٢) لا عند الإخوة ، لأن مقصدهم زوال عينه لا ماله ، ولا عند الواردة ، لأنهم خافوا اشتراك أصحابهم معهم ، ورأوا أن القليل من ثمنه في الانفراد أولى.
المسألة الرابعة ـ قوله : (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ).
وذلك يدل على أن الأثمان كانت تجرى عندهم عددا لا وزنا ، وأصل النقدين الوزن لقوله صلى الله عليه وسلم : لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة إلّا وزنا بوزن ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى. ولأنه لا فائدة فيها إلا المقدار ، فأما عينها فلا منفعة فيه ، ولكن جرى فيها العدد تخفيفا عن الخلق ، لكثرة المعاملة ، فيشقّ الوزن ، حتى لو ضربت (٣) مثاقيل ودراهم لجاز بيع بعضها ببعض عددا إذا لم يكن فيها نقصان [ولا رجحان] (٤) ، لأن خاتم الله عليها في التقدير حتى ينقص وزنها من نقص ، ويفضّ خاتم الله من فضّ ، فيعود الأمر إلى الوزن ، ولأجل ذلك كان كسرها أو قرضها من الفساد في الأرض ، حين كان حكم جريانها العدد.
المسألة الخامسة ـ إنما كان أصل اللّقيط الحرية ، لغلبة الأحرار على العبيد ، فيقضى بالغالب ، كما حكم بأنه مسلم أخذا بالغالب. فإن كان في قرية فيها نصارى ومسلمون فقال
__________________
(١) سورة هود ، آية ٨٤.
(٢) عبيطا : من غير علة.
(٣) في م : ضرب.
(٤) من م.