ابن القاسم : يحكم بالأغلب ، وقال غيره : لو لم يكن فيها إلّا مسلم واحد قضى للقيط بالإسلام ، تغليبا لحكم الإسلام الذي يعلو ولا يعلى [عليه] (١). وما ذكره ابن القاسم أولى ، وقد بيناه في كتاب المسائل ، والله أعلم.
الآية السادسة ـ قوله تعالى (٢) : (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قوله : (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) :
هذا يدلّك على أن التبنّي كان أمرا معتادا عند الأمم ، وسيأتى بيانه إن شاء الله.
المسألة الثانية ـ روى عن ابن مسعود أنه قال : أفرس الناس ثلاثة :
عزيز مصر ، حين قال لامرأته : أكرمى مثواه ... إلخ.
الثاني (٣) ـ بنت شعيب في فراسة موسى حين قالت (٤) : (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ).
الثالث ـ أبو بكر حين ولى عمر قال : أقول لربي ولّيت عليهم خيرهم.
قال الفقيه القاضي أبو بكر رضى الله عنه : عجبا للمفسرين في اتفاقهم على جلب هذا الخبر! والفراسة هي علم غريب حدّه وحقيقته ـ كما بيناه في غير موضع ـ الاستدلال بالخلق على الخلق فيما لا يتعدى المتفطّنون إلى غير ذلك من الصيغ والأغراض ، فأما أمر العزيز فيمكن أن يجعل فراسة ، لأنه لم يكن معه علامة ظاهرة.
وأما بنت شعيب فكانت معها العلامة البينة. أما القوة فعلامتها رفع الحجر الثقيل الذي لا يستطيع أحد أن يرفعه ، وأما الأمانة فبقوله لها ـ وكان يوما رياحا : امشى خلفي لئلا تصفك الريح بضم ثوبك لك ، وأنا عبراني لا أنظر في أدبار النساء.
__________________
(١) من م.
(٢) آية ٢١.
(٣) عد قوله : عزيز مصر : الأول.
(٤) سورة القصص ، آية ٢٦.