وقال صلى الله عليه وسلم : لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه ، والله يغفر له ، حين سئل عن البقرات ، ولو كنت مكانه لما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجونى. لقد عجبت منه حين أتاه الرسول ، لو كنت مكانه لبادرتهم الباب.
المسألة السادسة ـ قال علماؤنا : إنما لم يرد يوسف الخروج [من السجن] (١) حتى تظهر براءته ، لئلا ينظر إليه الملك بعين الخائن ، فيسقط في عينه ، أو يعتقد له حقدا (٢) ، ولم يتبين أنّ سجنه كان جورا محضا ، وظلما صريحا ، وانظروا (٣) ـ رحمكم الله ـ إلى عظيم حلمه ، ووفور أدبه ، كيف قال : ما بال النسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ ، فذكر النساء جملة ، ليدخل فيهن امرأة العزيز (٤) مدخل العموم بالتلويح ، ولا يقع عليها تصريح.
الآية الثالثة عشرة ـ قوله تعالى (٥) : (وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ : إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ. قالَ : اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قال الملك ليوسف : (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) : أى متمكن مما أردت ، أمين على ما ائتمنت عليه من شيء ، أمّا أمانته فلما ظهر (٦) من براءته ، وأما مكانته فلأنه ثبتت (٧) عفّته ونزاهته.
المسألة الثانية ـ قوله تعالى : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ).
كيف سأل الإمارة وطلب الولاية ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لسمرة : لا تسأل الإمارة ، وإنك (٨) إن سألتها وكلت إليها ، وإن لم تسألها أعنت عليها ، وقد قال النبىّ صلى الله عليه وسلم : إنا لا نولّى على عملنا من أراده؟
وعن ذلك أربعة أجوبة :
__________________
(١) من م.
(٢) في م : أو يعتقد حقده له ويتبين.
(٣) في م : فانظروا.
(٤) في ا : ليدخل فيها امرأته.
(٥) آية ٥٤ ، ٥٥.
(٦) في ا : ظهرت.
(٧) في م : فلما ثبت من عفته.
(٨) في ا : فإنها ، وانظر صحيح مسلم : ١٤٥٦.