امرأة العزيز مكنّا له ملك الأرض عن العزيز أو مثله مما لا يشبه ما ذكره. قال الشفعوى : ومثله (١) : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ).
قال الإمام الفقيه القاضي أبو بكر بن العربي رضى الله عنه : ليس هذا حيلة ، إنما هو حمل لليمين على الألفاظ أو على المقاصد ، وقد بيناه في كتب المسائل. قال الشفعوى : وحديث (٢) أبى سعيد في عامل خيبر ـ [قال الإمام ابن العربي : نص هذا الحديث] (٣) أن عامل خيبر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر جنيب (٤) ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكلّ تمر خيبر هكذا؟ قال : لا ، يا رسول الله ، ولكنا نبيع الصاع من هذا بالصاعين من تمر الجمع (٥). فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا ، وكذلك اليسر ـ خرّجه الأئمّة.
ومقصود الشافعية من هذا الحديث أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم أمره أن يبيع جمعا ويبتاع جنيبا من الذي باع منه الجمع أو من غيره.
قال المالكية : معناه من غيره ، لئلا يكون جنيبا بجمع ، والدراهم ربا ، كما قال ابن عباس : جريرة بجريرة والدراهم ربا. قال الشفعوى : ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
قال القاضي : قالت هند للنبي صلى الله عليه وسلم (٦) : إنّ أبا سفيان رجل مسيك (٧) لا يعطيني ما يكفيني وولدي. قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وهذا من باب الفتوى وتسليط المفتي للمستفتى على حكم الدعوى ، فهو أعلم بنفسه ، وربه (٨) أعلم من الكل بكذبه أو صدقه ، ولا حيلة في شيء من هذا.
وعجبا لمن يتصدّى للإمامة ، ويتميّز في الفرق بالزعامة ويأتى بهذا السّفساف من المقال.
قال القاضي : وزاد بعد ذلك من معاريض النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب ما هو خارج
__________________
(١) سورة ص ، آية ٤٤.
(٢) صحيح مسلم : ١٢١٥.
(٣) ليس في م.
(٤) جنيب : نوع من التمر من أعلاه.
(٥) الجمع : الرديء من التمر. أو هو الخليط من التمر.
(٦) صحيح مسلم : ١٣٣٩.
(٧) مسيك : شحيح وبخيل.
(٨) في م : وربك.