ثانيا ، ويتمّ المصراعان بيتا من الرمل حينئذ ، ولو قرئ كذلك لم يكن قرآنا ، ومتى قرئت الآية على ما جاءت لم تكن على وزن الشعر.
ومنها قوله (١) : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً). وهذا موضوع على وزن الكامل من وجه ، وعلى روىّ الرجز من وزن آخر ، وهذا فاسد ، لأن من قرأ عليهم وزن الكامل من وجه ، وعلى روىّ الرجز من وزن آخر ، وهذا فاسد ، لأن من قرأ عليهم بإسكان الميم يكون على وزن فعول ، وليس في بحر الكامل ولا في بحر الرجز فعولن بحال ، ومن أشبع حركة الميم فلا يكون بيتا إلا بإسقاط الواو من دانية ، وإذا حذفت الواو بطل نظم القرآن.
ومنها قوله (٢) : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) ، زعموا ـ أرغمهم الله ـ أنها من بحر الرّمل ، وأنها ثلاثة أبيات كلّ بيت منها على مصراع ، وهو من مجزوّه على فاعلات فاعلات ، ويقوم فيها فعلات مقامه ، فيقال لهم : ما جاء في ديوان العرب بيت من الرمل على جزأين ، وإنما جاء على ستة أجزاء تامة كلّها فاعلات أو فعلات أو على أربعة أجزاء كلها فاعلات أو فعلات ، فأما على جزأين كلاهما فاعلات فاعلات فلم يرد قطّ فيها ، وكلامهم هذا يقتضى أن تكون كلّ واحدة من هذه الآيات على وزن بعض بيت ، وهذا مما لا ننكره ، وإنما ننكر أن تكون آية تامة ، أو كلام تام من القرآن على وزن بيت تامّ من الشعر.
فإن قيل : أليس يكون المجزوّ والمربع من الرمل تارة مصرّعا وتارة غير مصرع ، فما أنكرتم أن تكون هذه الآيات الثلاث من المجزو والمربع المصرع من الرمل.
قلنا : إنّ البيت من القصيدة إنما يكون مصرعا إذا كان فيه أبيات أو بيت غير مصرع ، فأما إذا كانت أنصاف أبياته كلها على سجع واحد وكلّ نصف منها بيت برأسه فقد بينا أنه ليس في الرمل ما يكون على جزأين ، وكل واحد من هذه الآيات جزآن ، فلم يرد على شرط الرمل.
ومنها قوله تعالى (٣) : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ). وهذا
__________________
(١) سورة الإنسان ، آية ١٤.
(٢) سورة الانشراح ، آية ٢.
(٣) سورة الماعون ، آية ١.