باطل ، لأن الآية لا تقع في أقوال (١) الشعراء إلا بحذف اللام من قوله : «فذلك» ، وبتمكين حركة الميم من اليتيم ، فيكون اليتيما.
ومنها قوله تعالى (٢) : (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ). فقوله : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها) بيت تام ، فقد بينا فساد هذا ، وأن بعض آية وجزءا من كلام لا يكون شعرا.
فإن قيل : يقع بعد ذلك قوله : (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) إتماما للكلام على معنى النظمين ، وقد جاء ذلك في أشعارهم ، قال النابغة (٣) :
وهم وردوا الجفار على تميم |
|
وهم أصحاب يوم عكاظ إنّى |
شهدت لهم مواطن صالحات |
|
أنرتهم بنصح القول منّى (٤) |
قلنا : التضمين على عيبه إنما يكون في بيت على تأسيس بيت قبله ، فأما أن يكون التأسيس بيتا والتضمين أقلّ من بيت فليس ذلك بشعر عند أحد من العرب ، ولا ينكر أحد أن يكون بعض آية على مثال قول الشعر ، كقوله تعالى (٥) : (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) ، فهذا على نصف بيت من الرجز.
وكذلك قوله تعالى (٦) : (وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى) على نصف بيت من المتقارب المستمر ، وهذا كثير.
المسألة الرابعة ـ وقد ادّعوه في كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقالوا : إن لم يكن في كتاب الله فهو في كلام الذي نفيت عنه معرفة الشعر ، فمن ذلك قوله صلّى الله عليه وسلم : أنا النبىّ لا كذب. أنا ابن عبد المطلب.
قلنا : قد قال الأخفش : إن هذا ليس بشعر ، وروى ابن المظفر ، عن الخليل في كتاب العين : إن ما جاء من السجع على جزأين لا يكون شعرا. وروى غيره عنه أنه من منهوك الرجز.
__________________
(١) في ا : في إقواء الشعر.
(٢) سورة النمل ، آية ٢٣.
(٣) ديوانة : ١٠٨.
(٤) في الديوان :
أتيتهم بود الصدر منى
(٥) سورة الأنفال ، آية ٣٩.
(٦) سورة النجم ، آية ٣٤.