فعلى القولين الأولين لا يكون شعرا ، وعلى القول الثالث لا يكون منهوك رجز إلّا بالوقف على الباء من قولك لا كذب ، ومن قوله عبد المطلب ، ولم يعلم كيف قالها النبىّ صلى الله عليه وسلم ، والأظهر من حاله أنه قال : لا كذب بتنوين الباء مرفوعة وبخفض الباء من عبد المطلب على الإضافة ، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم فيما يؤثر عنه متمثلا بقول طرفة(١) :
ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا |
|
ويأتيك من لم تزوّد بالأخبار |
وقال (٢) :
أتجعل نهبي ونهب العبي |
|
د بين الأقرع وعيينة |
وقال :
*كفى الإسلام والشيب للمرء ناهيا*
فقال له أبو بكر في ذلك : بأبى أنت وأمى! وقبّل رأسه ، قال الله : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ).
قالوا : ومنها قوله :
هل أنت إلا إصبع دميت |
|
وفي سبيل الله ما لقيت |
وألزمونا أنّ هذا شعر موزون من بحر السريع.
قلنا : إنما يكون هذا شعرا موزونا إذا كسرت التاء من دميت ولقيت ، فإن سكنت لم يكن شعرا بحال ، لأن هاتين الكلمتين على هذه الصفة تكون فعول ، ولا مدخل لفعول في بحر السريع. ولعل النبىّ صلّى الله عليه وسلم قالها ساكنة التاء أو متحركة التاء من غير إشباع.
قالوا : ومنها قوله : «الله مولانا ولا مولى لكم» فادّعوا أنه على وزن مشطور الرجز.
قلنا : إنما يكون شعرا إذا تكلّم به المتكلم موصولا ، فإن وقف على قوله الله مولانا ، أو وصل وحرك الميم من قوله لكم لم يكن شعرا. وقد نقله ووصله بكلام.
ومنها قوله : الولد للفراش وللعاهر الحجر. وهذ فاسد لا يكون شعرا إلا بعد تفسير ما قاله النبي صلّى الله عليه وسلم ، فتسكن اللام من قولك الولد ، وهذا لا يقوله أحد.
__________________
(١) البيت روايته في الديوان ٤١ : ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
(٢) البيت للعباس بن مرداس كما في اللسان (نهب). وشطره الثاني : بين عيينة والأقرع.