النبي صلىاللهعليهوآله فلما وقف بازائه ناداه : يا محمد! يا محمد! وكان من أخلاق رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا قيل له : يا محمد! قال : «يا محمد!» ، وإذا قيل له : يا أحمد قال : «يا أحمد» ، وإذا قيل له : يا أبا القاسم قال : «يا أبا القاسم» ، وإذا قيل له : يا رسول الله قال «لبيك وسعديك» ، ويتهلل وجهه. فلما أن ناداه الأعرابيّ : يا محمد يا محمد! قال النبيصلىاللهعليهوآله : «يا محمد يا محمد» ، فقال له : أنت الساحر الكذاب الذي ما أظلّت الخضراء ، ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أكذب منك؟ أنت الذي تزعم أنّ لك في هذه الخضراء إلها بعث بك إلى الأسود والأبيض؟ فو اللات والعزى ، لو لا أني أخاف أن يسميني قومي «العجول» لضربتك بسيفي هذا ضربة أقتلك فيها فأسود بك الأولين والآخرين؟
فوثب إليه عمر بن الخطاب ليبطش به ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : «اجلس أبا حفص! فقد كاد الحليم أن يكون نبيا» ، ثم التفت النبي إلى الأعرابي ، فقال له : «يا اخا بني سليم أهكذا تفعل العرب؟ يتهجمون علينا في مجالسنا ويجاهروننا بالكلام الغليظ ، يا أعرابي والذي بعثني بالحقّ نبيّا ، إنّ أهل السماء السابعة ليسمونني «أحمد الصّادق» ، يا أعرابي أسلم تسلم من النار ، ويكون لك مالنا ، وعليك ما علينا ، وتكون أخانا في الإسلام». قال : فغضب الاعرابي وقال : واللات والعزى ، لا أومن بك يا محمد! أو يؤمن هذا الضبّ ، ورمى بالضبّ عن كمه ، فلما وقع الضبّ ولى هاربا ، فناداه النبيّ صلىاللهعليهوآله «أيها الضب أقبل إليّ» ، فأقبل الضبّ ينظر إلى النبي ، فقال له النبيّ : «أيها الضبّ من أنا»؟ فإذا هو ينطق بلسان فصيح ذرب غير متلكئ ، ويقول : أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. فقال له النبي : «من تعبد»؟ فقال : أعبد الله عزوجل الذي فلق الحبة ، وبرأ