فنادت : يا فاطمة الزهراء! يا أمّ الحسن والحسين! يا بنت رسول الله يا سيدة نساء العالمين! فلم تجب ، فدخلت فإذا هي ميتة.
فقال الأعرابي : كيف علمت وقت وفاتها يا ابن عباس؟ قال : أعلمها أبوها ، ثم شقت أسماء جيبها ، وقالت : كيف اجترئ فاخبر ابني رسول الله بوفاتك ، ثم خرجت فتلقاها الحسن والحسين ، فقالا : أين امنا؟ فسكتت فدخلا البيت فإذا هي ممتدة فحركها الحسين فإذا هي ميتة ، فقال : يا أخاه آجرك الله في أمّنا ، وخرجا يناديان : يا محمداه! اليوم جدد لنا موتك إذ ماتت امنا ثم أخبر عليا وهو في المسجد فغشي عليه حتى رشّ عليه الماء ، ثمّ أفاق فحملهما حتى أدخلهما بيت فاطمة الزهراء فرآها وعند رأسها أسماء تبكي ، وتقول : وا يتامى محمداه! كنا نتعزى بفاطمة عليهاالسلام بعد موت جدكما ، فبمن نتعزى بعدها؟ ثم كشف عليّ عليهالسلام عن وجهها فإذا برقعة عند رأسها فنظر فيها ، فإذا فيها : «بسم الله الرّحمن الرّحيم ـ هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد ، أوصت وهي تشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله ، وأن الجنّة حق وأن النار حق ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ، يا علي! أنا فاطمة بنت محمد زوجني الله منك لأكون لك في الدنيا والآخرة ، فأنت أولى بي من غيرك ، فحنطني وكفني وغسلني بالليل ، وصلّ عليّ وادفني بالليل ولا تعلم أحدا ، وأستودعك الله واقرأ على ولدي السلام الى يوم القيام».
فلما جن الليل غسلها عليّ ووضعها على السرير وقال للحسن : ادع لي أبا ذر ، فدعاه فحملاها إلى المصلّى ، فصلّى عليها ، ثم صلّى ركعتين ورفع يديه الى السماء ، ونادى : هذه بنت نبيك فاطمة أخرجها من الظلمات إلى النور ، فأضاءت الأرض ميلا في ميل ، فلما أراد أن يدفنها نودي من