تلقفها يزيد عن أبيه |
|
ودونكها معاوي عن يزيدا |
أديروها ـ بني حرب ـ عليكم |
|
ولا ترموا بها الغرض البعيدا |
فإن دنياكم بكم اطمأنت |
|
فأولوا أهلها خلقا جديدا |
وإن عصفت عليكم فاعصفوها |
|
عصافا تستقم لكم شديدا |
ثم نزل يزيد في قبة خضراء لأبيه ، وهو معتم بعمامة خزّ سوداء ، متقلد بسيف أبيه ، فلما دخل نظر ، فإذا قد فرش له فيها فرش كثير ، بعضه على بعض ، فرقى عليها بالكرسي ، وصعد حتى جلس على تلك الفرش ، فدخل الناس عليه يهنونه بالخلافة ويعزونه ، وهو يقول : نحن أهل الحقّ ، وأنصار الدّين فابشروا يا أهل الشام! فإن الخير لم يزل فيكم ، وسيكون بينكم وبين أهل العراق ملحمة ، فإني رأيت في منامي قبل ثلاث ليال ، كأنّ بيني وبين أهل العراق نهرا يطرد بالدم العبيط ، ويجري جريا شديدا ، وجعلت أجهد في منامي أن أجوز ذلك النهر ، فلم أقدر على ذلك ، حتى جاءني ـ عبيد الله بن زياد ـ فجازه بين يدي وأنا أنظر إليه.
فأجابه أهل الشّام وقالوا : امض بنا يا أمير المؤمنين! حيث شئت ، فنحن بين يديك ، وسيوفنا هي التي عرفها أهل العراق في يوم «صفين» ، فقال لهم : أنتم لعمري ، كذلك ، ثمّ قال : أيها الناس! إن معاوية كان عبدا من عباد الله ، أنعم الله عليه ، ثمّ قبضه إليه ، وهو خير ممن كان بعده ، ودون من كان قبله ، ولا ازكيه على الله ، فهو أعلم به مني ، فإن عفا عنه فبرحمته ، وإن عاقبه فبذنبه ، وقد وليت هذا الأمر من بعده ولست اقصر عن طلب حقّ ، ولا أعتذر من تفريط في باطل ، وإذا أراد الله شيئا كان.
فصاح الناس من كل جانب : سمعنا وأطعنا ، يا أمير المؤمنين!
قال : وبايعه النّاس كلهم ، وبايعوا ابنه ـ معاوية بن يزيد ـ بعده ،