يشهده فليحضر بين الصلاتين ، ولا تقعدوا عن الصلاة عليه ، ثمّ نزل عن المنبر ، وكتب إلى يزيد.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي لبس رداء البقاء ، وكتب على عباده الفناء ، فقال عزوجل : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ. وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) الرحمن / ٢٦ ـ ٢٧ ، لعبد الله يزيد أمير المؤمنين من الضحاك بن قيس :
أما بعد ، فكتابي إلى أمير المؤمنين : كتاب تهنئة ؛ ومصيبة ، فأما ـ التهنئة ـ فالخلافة التي جاءتك عفوا ، وأما ـ المصيبة ـ فموت أمير المؤمنين معاوية فإنا لله وإنا إليه راجعون ، فإذا قرأت كتابي هذا فالعجل العجل لتأخذ النّاس ببيعة اخرى مجددة ، ثم كتب في أسفل «كتابه» هذين البيتين :
مضى ابن أبي سفيان فردا لشأنه |
|
وخلفت فانظر بعده كيف تصنع؟ |
أقمنا على المنهاج واركب محجّة |
|
سدادا فأنت المرتجى حين نفزع |
فلما ورد الكتاب على يزيد وقرأه ، وثب باكيا ، وأمر باسراج دوابه ، وسار يريد «دمشق» فصار إليها بعد ثلاثة أيام من مدفن معاوية ، وخرج النّاس إلى استقباله ، فلم يبق أحد يطيق حمل السلاح إلا ركب وخرج ، حتّى إذا قرب من دمشق جعل الناس يتلقونه ويبكون ، ويبكي معهم ، وأيمن ابن خريم الأسدي بين يديه ينشده ويقول :
رمى الحدثان نسوة آل حرب |
|
بمقدار سمدن له سمودا |
فرد شعورهن السّود بيضا |
|
وردّ وجوههن البيض سودا |
وإنّك لو سمعت بكاء هند |
|
ورملة إذ يلطمن الخدودا |
بكيت بكاء موجعة بحزن |
|
أصاب الدّهر واحدها الفريدا |
فصبرا يا بني حرب! تعزّوا |
|
فمن هذا الذي يرجو الخلودا؟ |