أما بعد ـ فإنّ الممدوح مسبوب يوما ، وإن المسبوب ممدوح يوما ، ولك ما لك ، وعليك ما عليك ، وقد انتميت ونميت إلى كلّ منصب كما قال الأول :
رفعت فما زلت السحاب تفوقه |
|
فمالك إلّا مقعد الشمس مقعد |
وقد ابتلي بالحسين زمانك من بين الأزمان ، وابتلي به بلدك من بين البلدان ، وابتليت به بين العمال ، وفي هذه تعتق أو تكون عبدا تعبد كما تعبد العبيد ، وقد أخبرتني شيعتي من أهل الكوفة أن مسلم بن عقيل بالكوفة ، يجمع الجموع ، ويشق عصا المسلمين ، وقد اجتمع إليه خلق كثير من ـ شيعة أبي تراب ـ ، فإذا أتاك كتابي هذا ، فسر حين تقرأه حتّى تقدم الكوفة فتكفيني أمرها فقد ضممتها إليك وجعلتها زيادة في عملك ـ وكان عبيد الله أمير البصرة ـ ، وانظر أن تطلب مسلم بن عقيل كطلب الحرد ، فإذا ظفرت به فخذ بيعته أو اقتله إن لم يبايع. واعلم أنه لا عذر لك عندي ، وما أمرتك به فالعجل العجل ، والوحاء الوحاء ، والسلام.
ثمّ دفع يزيد كتابه إلى مسلم بن عمرو الباهلي ، وأمره أن يسرع السير إلى عبيد الله ، فلمّا ورد الكتاب إلى عبيد الله ، وقرأه أمر بالجهاز وتهيأ للمسير إلى الكوفة ، وقد كان الحسين عليهالسلام كتب إلى رؤساء أهل البصرة مثل : الأحنف بن قيس ؛ ومالك بن مسمع ؛ والمنذر بن الجارود ؛ وقيس بن الهيثم ؛ ومسعود بن عمرو ؛ وعمرو بن عبيد الله بن معمر ؛ يدعوهم لنصرته والقيام معه في حقه لكل واحد كتابا فكل من قرأ كتاب الحسين كتمه إلّا ـ المنذر بن الجارود ـ فإنه خشي أن يكون هذا الكتاب دسيسا من ابن زياد ، وكانت بحرة بنت المنذر بن الجارود تحت عبيد الله بن زياد ، فأتى ابن زياد وأخبره فغضب ، وقال : من رسول الحسين إلى أهل البصرة؟ فقال المنذر : رسوله إليهم مولى يقال له : «سليمان» ، قال : فعليّ به ، فاتي به