يا عم! ما أتخوف عليك؟ فلا تحدثن نفسك بشيء من هذا ، ثمّ دخل القوم على ابن زياد فلما نظر إليهم من بعيد ، التفت إلى شريح القاضي وكان عنده في مجلسه فقال : أتتك بخائن رجلاه تسعى ، ثم التفت الى هانئ فأنشد :
اريد حياته ويريد قتلي |
|
عذيري من خليل من مراد |
فقال هاني : وما ذاك ، أيها الأمير؟ فقال إيها يا هانئ جئت بمسلم بن عقيل ، وجمعت له الرجال والسلاح في الدار حولك ، وظننت أن ذلك يخفى علينا فقال : ما فعلت ، قال : بلى ، فعلت ، قال : ما فعلت ، قال ابن زياد : أين معقل؟ فجاء معقل حتّى وقف بين يديه ، فقال ابن زياد : أتعرف هذا يا هاني؟ فنظر هانئ إلى معقل فعلم أنه كان عينا عليهم ، وأنه أخبر ابن زياد عن مسلم ، فقال : أصلح الله الأمير ، ما بعثت إلى مسلم ، ولا دعوته ، ولكنه جاءني مستجيرا فاستحييت من ردّه ، وأخذني من ذلك ذمام. فأما إذا قد علمت ، فخل سبيلي حتى أرجع إليه ، وآمره أن يخرج من داري إلى حيث شاء ، واعطيك من العهود والمواثيق بها ، إني أرجع إليك ، وأضع يدي في يدك ، فقال ابن زياد : لا والله ، لا تفارقني أبدا أو تأتيني بمسلم بن عقيل؟ فقال : إذن ، والله ، لا آتيك بضيفي فتقتله ، أيكون هذا في العرب؟ فقال ابن زياد : والله ، لتأتيني به ، فقال هانئ : لا والله لا آتيك به أبدا.
فتقدم مسلم بن عمرو الباهلي فقال : أصلح الله الأمير ، ائذن لي في كلامه ، فقال : كلمه بما أحببت ، ولا تخرجه من القصر ، فأخذ مسلم بن عمرو الباهلي بيد هانئ بن عروة فنحاه ناحية ، ثم قال له : ويحك يا هانئ! أنشدك الله أن تقتل نفسك ، وتدخل البلاء على عشيرتك بسبب مسلم بن عقيل ، يا هذا! سلمه إليه ، فإنه لا يقدم عليه بالقتل أبدا. وأخرى فإنه سلطان ، وليس عليك في ذلك عار ولا منقصة.