فقال هانئ : بلى ، والله ، عليّ في ذلك أعظم العار ، والسبّة ، وأكبر الخزي ، أن اسلم جاري وضيفي ، ورسول ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنا حي صحيح ، شديد الساعدين ، كثير الأعوان ، والله ، لو لم أكن إلا وحدي لا ناصر لي لما أسلمت أبدا ضيفي حتّى أموت من دونه.
فردّه مسلم بن عمرو الباهلي إلى ابن زياد ، فقال له : أيها الأمير! إنه قد أبى أن يسلم مسلما أبدا أو يقتل كما يزعم ، فغضب ابن زياد ، ثمّ قال : والله لتأتين به ، أو لأضربن عنقك ، فقال : إذن والله ، تكثر البارقة حول دارك ، فقال ابن زياد : أبالبارقة تخوفني؟ ثمّ أخذ قضيبا كان بين يديه ، فضرب به وجه هانئ فكسر أنفه ، وشج حاجبه ، وضرب هانئ بيده إلى قائم سيف رجل من أصحاب عبيد الله بن زياد ، فجاذبه ذلك الرجل ، ومنعه من السيف ، فصاح ابن زياد : خذوه ، فأخذوه وألقوه في بيت من بيوت القصر وأغلقوا عليه الباب.
ثم وثب ـ أسماء بن خارجة ـ فقال له : أيها الأمير! إنّك أمرتنا أن نأتيك بالرجل ، فلما جئناك به هشمت وجهه ، وأسلت دمه ، فقال : وأنت هاهنا أيضا ، ثمّ أمر به فضرب حتّى وقع لجنبه ، فجلس أسماء بن خارجة ناحية من القصر ، وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، إلى نفسي أنعاك يا هانئ!.
قال : وبلغ ذلك ـ بني مذحج ـ فركبوا بأجمعهم وعليهم ـ عمرو بن الحجاج الزبيدي ـ فوقفوا بباب القصر ، ونادى عمرو : يا عبيد الله! هذه فرسان مذحج لم تخلع طاعة ، ولم تفرّق جماعة ، فلم تقتل صاحبنا؟ فقال ابن زياد لشريح القاضي : أدخل عليّ صاحبهم ، فانظر إليه ، ثمّ أخرج إليهم فأعلمهم أنه لم يقتل ، قال شريح : فدخلت عليه ، فقال : ويحك هلكت