فولدت له «بلال بن أسيد» ، وكانت المرأة واقفة على باب دارها تنتظر ابنها ، فسلّم عليها مسلم فردت عليهالسلام ، فقال : يا أمة الله! اسقيني فسقته ، فجلس على بابها ، فقالت له : يا عبد الله! ما شأنك؟ أليس قد شربت ، قال : بلى ، والله ، ولكن مالي بالكوفة منزل ، وإني لغريب قد خذلني من كنت أثق به ، فهل لك في معروف تصطنعيه إليّ؟ فإني رجل من أهل بيت شرف وكرم ، ومثلي من يكافأ بالإحسان؟
قالت : فكيف ذلك؟ ومن أنت؟ فقال : يا هذه ذري عنك التفتيش في هذا الوقت ، وادخليني منزلك ، فعسى الله أن يكافئك عنّا بالحسنة ، فقالت : يا عبد الله! أخبرني باسمك ، ولا تكتمني شيئا من أمرك فإني أكره أن تدخل منزلي من قبل معرفة خبرك ، وهذه فتنة قائمة ، وهذا ابن زياد بالكوفة ، فأخبرني : من أنت؟ فقال : أنا مسلم بن عقيل ، فقالت المرأة : قم فأدخل رحمك الله.
فأدخلته منزلها وجاءته بمصباح ، ثمّ جاءته بطعام فأبى أن يأكل ، فلم ، يكن بأسرع من أن جاء ابنها ، فلما دخل رأى من امّه أمرا منكرا من دخولها ذلك البيت ، وخروجها منه ، وهي باكية ، فقال لها : يا اماه! ما قصتك؟ فقالت له : يا بني! أقبل على شأنك ، فألح عليها ، فقالت : يا بني! إذا أخبرتك بشيء فلا تفشه لأحد ، فقال لها : قولي : ما أحببت. فقالت : مسلم بن عقيل في ذلك البيت ، وكان من قصته كذا وكذا ، فسكت الغلام ولم يقل شيئا ، ثمّ أخذ مضجعه ونام ، فلما أصبح ابن زياد نادى في النّاس : أن يجتمعوا ، ثمّ خرج من القصر فدخل المسجد ثمّ صعد المنبر ، فقال : أيها الناس! إنّ مسلم بن عقيل السفيه الجاهل أتى هذا البلد ، وأظهر الخلاف ، وشقّ عصا المسلمين ، وقد برأت الذمة من رجل أصبناه في داره ،