هذا الأمر الذي قد أزمعت عليه أن يكون فيه هلاكك ، واستئصال أهل بيتك ، فإنّك إن قتلت خفت أن يطفأ نور الله ، فأنت علم المهتدين ، ورجاء المؤمنين ، فلا تعجل بالمسير إلى العراق ، فإني آخذ لك الأمان من يزيد ومن جميع بني اميّة لنفسك ولمالك وأولادك وأهلك ، والسلام.
فكتب إليه الحسين :
«أما بعد ـ فإنّ كتابك ورد عليّ فقرأته وفهمت ما فيه ، اعلم أني قد رأيت جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله في منامي ، فأخبرني بأمر أنا ماض له ؛ كان لي الأمر أو عليّ ، فو الله ، يا ابن عم! لو كنت في حجر هامة من هوام الأرض لاستخرجوني حتى يقتلوني ، وو الله ، ليعتدن عليّ كما اعتدت اليهود في يوم السبت ، والسّلام».
وكتب إليه ـ عمرو بن سعيد بن العاص ـ من المدينة :
أما بعد ـ فقد بلغني أنك قد عزمت على الخروج إلى العراق ، ولقد علمت ما نزل بابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته ، وأنا اعيذك بالله تعالى من الشقاق ، فإني خائف عليك منه ، ولقد بعثت إليك بأخي ـ يحيى بن سعيد ـ فأقبل إليّ معه ، فلك عندنا الأمان والصلة ، والبر والإحسان وحسن الجوار ، والله بذلك عليّ شهيد ووكيل ، وراع وكفيل ، والسلام.
فكتب إليه الحسين :
«أما بعد ـ فإنّه لم يشاق من دعا إلى الله وعمل صالحا ، وقال : إنني من المسلمين ، وقد دعوتني إلى البر والإحسان ، وخير الأمان أمان الله ، ولن يؤمن الله يوم القيامة من لا يخافه في الدّنيا ، ونحن نسأله لك ولنا في هذه الدنيا عملا يرضى لنا يوم القيامة ، فإن كنت بكتابك هذا إليّ أردت بري وصلتي ، فجزيت بذلك خيرا في الدّنيا والآخرة ، والسلام».