الطريق فلم أقدر عليه وأنا انشدك الله في نفسك ، فقال الحسين : «كأنّك تخبرني : بأني مقتول»؟! فقال له : نعم ، يا أبا عبد الله! لا أشك في ذلك إلّا أن ترجع من حيث جئت ، فقال الحسين : «لا أدري ، ما أقول لك ، ولكني أقول لك : كما قال أخو الأوس ، وهو يريد نصرة رسول الله صلىاللهعليهوآله فخوّفه ـ ابن عمّه ـ حين لقيه ، وقال : أين تذهب؟ فإنك مقتول ، فقال له :
سأمضي فما بالموت عار على الفتى |
|
إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما |
وواسى الرجال الصالحين بنفسه |
|
وفارق مذموما وخالف مجرما |
اقدّم نفسي لا اريد بقاءها |
|
لتلقى خميسا في النزال عرمرما |
فإن عشت لم اذمم ، وإن متّ لم الم |
|
كفى بك ذلا أن تعيش وترغما» |
قال : ثم أقبل «الحسين» على أصحابه ، فقال : «هل فيكم أحد يخبر الطريق على غير الجادة»؟ فقال ـ الطرماح بن عدي الطائي ـ : أنا ، يا ابن رسول الله! أخبر الطريق ، فقال الحسين : «فسر إذن بين أيدينا» ، فسار الطرماح واتبعه الحسين وأصحابه ، وجعل الطرماح يرتجز ويقول :
يا ناقتي! لا تذعري من زجري |
|
وامض بنا قبل طلوع الفجر |
بخير فتيان وخير سفر |
|
آل رسول الله أهل الفخر |
السّادة البيض الوجوه الغرّ |
|
الطاعنين بالرماح السمر |
والضاربين بالصفاح البتر |
|
حتى تحلي بكريم النجر |
الماجد الحرّ الرحيب الصدر |
|
أتى به الله لخير أمر |
عمره الله بقاء الدّهر |
|
وزاده من طيبات الذكر |
يا مالك النفع معا والضرّ! |
|
أيّد حسينا سيدي بالنصر |
على الطغاة من بقايا الكفر |
|
أعني اللعينين سليل صخر |
وابن زياد العاهر ابن العهر |
|
فأنت يا ربّ به ذو البر |