أربعمائة فارس ، ووجه به إلى حي بني اسد مع ذلك الذي جاء بالخبر ، فبينا اولئك القوم من بني أسد قد أقبلوا في جوف الليل مع حبيب يريدون عسكر الحسين ، إذ استقبلتهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات ، وكان بينهم وبين معسكر الحسين اليسير ، فتناوش الفريقان واقتتلوا ، فصاح حبيب بالأزرق ابن الحرث : مالك ولنا انصرف عنا ، يا ويلك! دعنا واشق بغيرنا ، فأبى الأزرق ، وعلمت بنو أسد أنّ لا طاقة لهم بخيل ابن سعد فانهزموا راجعين إلى حيّهم ، ثم تحملوا في جوف الليل خوفا من ابن سعد أن يكبسهم ، ورجع حبيب إلى الحسين فأخبره ، فقال : «لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم».
ورجعت تلك الخيل حتى نزلت على الفرات ، وحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، فأضر العطش بالحسين وبمن معه ، فأخذ الحسين عليهالسلام فأسا ، وجاء الى وراء خيمة النساء فخطا على الأرض تسع عشرة خطوة نحو القبلة ، ثمّ احتفر هنالك فنبعت له هناك عين من الماء العذب ، فشرب الحسين وشرب الناس بأجمعهم ، وملأوا أسقيتهم ، ثم غارت العين فلم ير لها أثر.
وبلغ ذلك إلى عبيد الله فكتب إلى عمر بن سعد : بلغني أن الحسين يحفر الآبار ، ويصيب الماء ، فيشرب هو وأصحابه ، فانظر إذا ورد عليك كتابي هذا فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت ، وضيّق عليهم ولا تدعهم أن يذوقوا من الماء قطرة ، وافعل بهم كما فعلوا بالزكي عثمان ، والسلام.
فضيق عليهم ابن سعد غاية التضييق ، ودعا برجل ، يقال له : «عمرو ابن الحجاج الزبيدي» فضمّ إليه خيلا كثيرة ، وأمره أن ينزل على الشريعة التي هي حذاء معسكر الحسين عليهالسلام فنزلت الخيل على شريعة الماء ، فلمّا اشتد العطش بالحسين وأصحابه ، دعا أخاه العباس ، وضم إليه ثلاثين فارسا