أولى بالحيرة منك ، وأنت ترى احتسابي وصبري.
فقلت : يكفيك الله ، وأطرقت خجلا منه ، فقال : يا أبا العتاهية! لا أجمع عليك التوبيخ والمنع ، اسمع البيتين واحفظهما ، وأعادهما عليّ مرارا حتى حفظتهما ، ثم دعي به وبي ، فلما قمنا قلت من أنت أعزّك الله تعالى؟ فقال : أنا «حاضر» صاحب عيسى بن زيد ، فادخلنا على المهدي ، فلما وقفنا بين يديه قال له : هيه! أين عيسى بن زيد؟
فقال : ما يدريني أين عيسى بن زيد؟ طلبته وأخفته فهرب منك في البلاد ، وأخذتني فحبستني فمن أين أقف على موضع هارب منك وأنا محبوس؟ فقال له المهدي : فأين كان متواريا؟ ومتى كان آخر عهدك به؟ وعند من لقيته؟ فقال : ما لقيته منذ توارى ، ولا أعرف له خبرا.
فقال المهدي : والله العظيم لتدلّن عليه أو لأضربنّ عنقك الساعة ، قال له : فاصنع ما بدا لك؟ فو الله ، أنا لا ادلك على ابن رسول الله لتقتله ، وألقى الله ورسوله وهما يطالباني بدمه ، وو الله ، إنه لو كان بين ثوبي وجلدي ما كشفت عنه. فقال المهدي : اضربوا عنقه ، فقدم وضرب عنقه ، ثم دعا بي ، وقال : أتقول الشعر أو لألحقنك به؟ فقلت : بل أقول الشعر ، فقال : اطلقوه!
٦٥ ـ وبهذا الإسناد ، عن السيد أبي طالب هذا ، أخبرنا أحمد بن محمد البغدادي ، أخبرنا عبد العزيز بن إسحاق الكوفي ، حدّثني محمد بن عيسى ، حدّثني محمد بن زكريا المكي ، حدّثني عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، قال : قال محمّد الباقر عليهالسلام : «إنّ أخي زيد بن علي خارج فمقتول على الحقّ ، فالويل لمن خذله ، والويل لمن حاربه ، والويل لمن يقتله».