السيوف وأطراف الرماح.
فقال لهم سليمان : رحمكم الله ، فعليكم بطول الصلاة في جوف الليل ، وذكر الله كثيرا على كل حال ، وتقربوا إلى الله تعالى بما استطعتم ، فإنكم لن تتوسلوا إلى ربكم بشيء أكثر ثوابا من الصلاة والجهاد ، لأن الصلاة عماد الدين ، والجهاد سنام العلم والعمل.
ثم أدلج سليمان بالناس ليلة الجمعة من شهر ربيع الآخر لخمس بقين أو مضين منه ، حتى نزل على شاطئ الفرات بموضع يقال له : اقساس بني مالك ثم عرض الناس هناك ، فإذا قد نقص منهم ألف ومائة رجل ، فقال لهم : أيها الناس! والله ، ما أحبّ أن من تخلف عنكم كان معكم ، لأنهم لو كانوا فيكم لما زادوكم إلّا خبالا ، فاحمدوا الله على رجوعهم عنكم.
وسار تلك الليلة فأصبحوا وقد أشرفوا على قبر الحسين ، فلما عاينوه رفعوا أصواتهم بالبكاء والنحيب ، ورموا أنفسهم عن دوابهم ، وجعلوا يقولون : اللهم! إنا خذلنا ابن بنت نبينا ، وقد أسأنا وأخطأنا فاغفر لنا ما مضى من ذنوبنا ، وتب علينا إنّك أنت التواب الرحيم ، ثم تقدم رجل منهم ، يقال له : وهب بن رفعة الجعفي حتى وقف على القبر باكيا ، ثم قال : والله ، ما أشك أن صاحب القبر هو وجدّه وأبوه وأمه وأخوه أفضل عند الله وسيلة يوم القيامة من جميع الخلق ، ألم تروا إلى ما فعل به وبأهل بيته المحلّون؟ ولم يراقبوا فيه من ربه ، ولا قرابته من نبيه ، لكنهم جعلوه للنبل غرضا ، وغادروه لملك باغ مطعما ، فلله الحسين ولله يوم الحسين ، لقد عاينوا منه يوم وافوه ذا وفاء وصبر ، وعفاف وبر ، وذا بأس ونجدة ، وأمانة وشدّة ، فهو ابن أول المؤمنين ، وابن بنت نبي ربّ العالمين ، قلّت حماته ، وكثرت عداته ، فويل للقاتل وملامة للخاذل ، إن الله تبارك وتعالى لم يجعل للقاتل