هيت ثم إلى قرقيسيا ، وبها يومئذ زفر بن الحرث الكلابي ، فلما نظر إلى خيل المسلمين كأنه اتّقى منهم ، فأمر بباب المدينة فاغلق ، ونزل المسلمون بحذاء المدينة على شط الفرات ، فدعا سليمان بن صرد المسيب بن نجبة فقال له : صر الى ابن عمك هذا زفر بن الحرث فأخبره : إنا لسنا نريده وإنما نريد الفاسق ابن زياد وقتلة الحسين بن علي عليهالسلام فليخرج إلينا سوقا نتسوق فيها.
فانطلق المسيب إلى زفر وأخبره فأدناه زفر وأجلسه إلى جانبه وسأله عن الحال ، ثم أمر أن يخرج إليهم سوق وأمر للمسيب بفرس وألف درهم ، فقال المسيب : أما المال فلا حاجة لنا فيه لأنا ليس للمال خرجنا ، وأما الفرس فإني احتاج إليه إن ظلع فرسي أو عقر تحتي ، ثمّ أمر زفر بأن يخرج إليهم الطعام الكثير وأرسل إلى كل رئيس منهم بعشرة من الجزر ودقيق وشعير وجميع ما يحتاجون إليه ، فظل القوم يومهم ذلك واليوم الثاني مخصبين لا يحتاجون إلى شيء من السوق قد كفوا جميع ذلك إلّا أن يشري الرجل منهم ثوبا أو يحدّ سيفا أو رمحا ، فلما كان اليوم الثالث نادى سليمان بالرحيل فخرج إليه زفر فقال له : إن ابن زياد سمع بخبركم فنزل الرقة وقد وجه إليكم بخمسة من قواده : الحصين بن نمير السكوني ؛ وشرحبيل بن ذي الكلاع الحميري ؛ وأدهم بن محرز الباهلي ؛ وربيعة بن مخارق الغنوي ؛ وجبلة بن عبد الله الغنوي ، وهم في عدّة لا طاقة لكم بها ، فقال سليمان : على الله توكلنا وعليه فليتوكل المؤمنون ، فقال : نعم ما قلت ، ولكن هل لكم أن أفتح باب مدينة قرقيسيا فتدخلوها ، ويكون أمركم وأمرنا واحدا على ابن زياد؟ أو تنزلوا على باب المدينة ونعسكر إلى جانبكم ، فإذا جاء ابن زياد قاتلناه جميعا فعسى أن يظفرنا الله تعالى به ، فقال سليمان : إنّ هذا الذي تقول به قد عرضه علينا أهل بلدنا ولم نتبعه ، وكتبه إلينا بعد ذلك أمير