الكوفة فأبينا إلّا أن نسير إليهم فيحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين.
فقال زفر : أما إذا أبيتم ذلك فاقبلوا مني نصيحة ، اعلم أنّ القوم قد فصلوا من الرقة فبادروهم الآن إلى عين الوردة فانزلوها واجعلوا المدينة من وراء ظهوركم والرستاق بين أيديكم ، فانظروا إذا أتوكم فلا تقاتلوهم في فضاء من الأرض فإني أخاف أن يحيطوا بكم لأنهم أكثر منكم بأضعاف ولا تصفوا لهم صفوفكم ، فإني لست أرى لكم رجّالة تحميكم ؛ ولكن إذا وافوكم فعبوا كتائبكم واجعلوا منكم مع كل كتيبة كتيبة إلى جانبها فإن حمل على إحدى الكتيبتين فزالت ، أعانتها الاخرى ، فيكون ذلك أشد لصفكم وأضعف لصفهم. وأنا أسأل الله تعالى أن ينصركم على هؤلاء الفاسقين.
فقال له سليمان : جزاك الله من رجل خيرا ، فلقد أكثرت النزل ، وأحسنت الضيافة ، ونصحت في المشورة. فودّعهم زفر وسار القوم حتى نزلوا عين الوردة فقام سليمان خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا شيعة آل محمّد! إنه قد أتاكم عدوكم الذي تجدون إليه المسير في آناء الليل وأطراف النهار ، تريدون بذلك أن تطهروا أنفسكم بالتوبة النصوح إلى ربكم مما فرطتم في ابن بنت نبيكم ، وقد جئتم إليهم ، وأنتم اليوم في دارهم ، فانظروا إذا لقيتموهم غدا فأصدقوا القتال واصبروا فإن الله مع الصابرين ، ولا يولين أحد منكم دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ، ولا تقتلوا مدبرا ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تقتلوا أسيرا إلّا أن يقاتلكم ، ولا تدخلوا دارا إلّا بإذن أهلها فإنّ هذه سنّة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام في أهل هذه الدعوة ، واعلموا أن مروان كانت ولايته تسعة أشهر ، فعبث بها ابن زياد لمحاربتكم والآن قام ابنه عبد الملك فأقر ابن زياد على ما بعثه أبوه