فالتفت المختار إلى من حوله من الشيعة فقال : إنّ ابن مطيع قد تكلّم بما سمعتم ، فقوموا إليه وردوا عليه ولا تمهلوه ، فقام السائب بن مالك الأشعري فقال : أيها الأمير! إنا قد سمعنا كلامك وما أمرك به أمير المؤمنين ، ونحن لا نرضى أن تحمل عنا فيئنا ؛ ولكن يكون في فقرائنا ، فأما ما ذكرت من سيرة عمر وعثمان فإنا لا نقول فيهما إلّا خيرا غير أننا نحب أن تسير فينا بسيرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فليس هو عندنا بدونهما فان فعلت ذلك وإلّا فلست عندنا بأمير ، ولا نحن لك برعية.
وتكلّم عامة الناس بمثل ما تكلم به السائب ، وقالوا له وهو يتكلّم : أحسنت أحسنت ، فو الله ، لقد ذهبت بفضلها ، وقالوا له بعد ذلك : أحسنت لا يعدمك المسلمون! ثم تكلّموا ، فقال ابن مطيع : يا هؤلاء! اسكتوا فإنا لا نسير بكم إلّا بما تحبون ، ثم نزل عن المنبر ودخل منزله ، فأتاه إياس بن مضارب العجلي وهو صاحب شرطته ، وقال : أصلح الله الأمير إن هذا الذي اعترض عليك في المسجد هو من رؤساء أصحاب المختار ، ولست آمن المختار أن يخرج عليك في عملك هذا ، ولكن ابعث إليه الساعة فإذا جاءك فاحبسه في سجنك حتى يستقيم أمر الناس ، فإنه غير مأمون على بليته ، ومعه قوم من أهل مصرك هذا قد بايعوه سرا ، وكأني به قد خرج عليك ليلا أو نهارا فخذ حذرك منه ، فدعا ابن المطيع برجلين من أصحابه وهما : زائدة بن قدامة والحسين بن عبد الله الهمداني ، فقال لهما : انطلقا إلى المختار فادعوه لي فجاءا إليه ودخلا عليه وسلّما ، ثم قالا له : أجب الأمير يا أبا إسحاق! فإنه يدعوك لأمر ندب فيه وأحبّ مشورتك ، وغمزة زائدة بن قدامة وقرأ : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ) الانفال / ٣٠.
ففهم المختار فقال : يا غلام الق عليّ ثوبا ثقيلا فإني أجد في بدني رعدة