شديدة ، ثم رمى بنفسه على فراشه ، وقال : ارجعا إلى الأمير فأعلماه حالي وما أجد في بدني من هذه القرة (١).
فقال زائدة : أما أنا ففاعل ذلك يا أبا إسحاق ، فقال المختار : وأنت يا أخا همدان فاعذرني عنده فإنه خير لك عندي ، فقال : افعل ذلك إن شاء الله ، ولا أبلغ الأمير عنك إلّا ما تحب ، وخرجا ، فقال الهمداني إلى زائدة : قد علمت أنك الذي غمزته ، وكان قد تهيأ أن يصير إلى الأمير ، وأمر بإسراج دابته والرأي ما فعلت ، والله ، إنا لا ندري ما يكون منه ، ولعله يخرج غدا فلا يبدأ إلّا بنا ، ثم دخلا على الأمير فأخبراه بعلّة المختار فصدقهما ونسي ذكر المختار.
وقيل : بل بعث للمختار ثلاثة ، ثالثهم مروان بن سهل ـ وكان من خيار الشيعة ـ فهجموا عليه داره ، ومروان يقرأ : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ) الآية ، فسمعه المختار وعلم أنه مطلوب ، فخرج من الدار ولم يقدروا عليه ، وتوارى إلى أن خرج ، قال : وجعل المختار يجمع أصحابه ويقول ، تهيئوا وكونوا على اهبة من الخروج والطلب بدماء أهل البيت عليهمالسلام ، فيقولون : نحن على ذلك ، فانهض متى شئت.
ثم اجتمعت الشيعة في منزل عبد الرحمن بن شريح الهمداني ، وقالوا : إنا قد بايعنا هذا الرجل ، وقد زعم أنّ محمد بن الحنفية هو الذي أرسله إلينا ، ولسنا ندري أصادق هو أم كاذب؟ فلا عليكم أن تبعثوا إلى محمد بن علي فتخبروه ، فإن رخص في اتباعه اتبعناه وإن نهانا اجتنبناه ، فخرج جماعة وقدموا على محمد فسلموا عليه فقال : ما أقدمكم مكة في غير وقت الحج؟ قالوا : جئناك لمهمة ، قال : أعلانية هي أم سر؟ قالوا : سرا!
__________________
(١) القرة : البردة الشديدة من المرض.