فتنحى معهم فتقدم إليه عبد الله بن شريح الهمداني ـ وكان من وجوه الشيعة في الكوفة ـ ، فقال : جعلت فداك إنكم أهل بيت خصكم الله بالفضل ، وأماط عنكم الجهل ، وأكرمكم بفضل النبوّة ، وعظم حقكم على هذه الامة ، فلا يجهل حقكم إلّا مغبون ، وقد أصبتم بأبي عبد الله الحسين عليهالسلام ، وهي مصيبة قد خصّ بها المؤمنون ، وقد قدم علينا المختار بن أبي عبيد الثقفي فذكر : أنه قد جاءنا من قبلك وأنك أرسلته إلينا ليطلب بدم الحسين ، وهو مقيم بين أظهرنا من قبل قتل سليمان بن صرد وأصحابه ، وقد بايعناه وعزمنا على الخروج معه ، غير أنا أحببنا أن نستطلع رأيك في ذلك ، فإن أمرتنا باتباعه اتبعناه ، وإن نهيتنا اجتنبناه.
فقال محمد بن الحنفية : أما ما ذكرت من الفضل الذي خصنا الله به فإن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وهو ذو الفضل العظيم ، وأما ما ذكرت من مصيبة أبي عبد الله فإن ذلك كان في الزبر الاولى والذكر الحكيم ، وهي ملحمة كتبت عليه ، وكرامة من الله أهداها إليه لكي يضاعف له الحسنات ويرفع له الدرجات ، وأما ما ذكرت من أمر المختار فو الله ، لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه ، فودّعه القوم وخرجوا وهم يقولون : قد رضي بذلك ، ولو لا أنه رضي لكان نهانا.
وسار القوم فدخلوا الكوفة ، وكان المختار قد علم بخروجهم فشقّ ذلك عليه ، وخشي أن يأتوا من محمّد بما يخذل عنه الناس ، فلما جاءوا سألهم المختار فقالوا : قد أمرنا باتباعك والخروج معك فقال : الله أكبر! أنا أبو إسحاق ، أنا مبيد الفاسقين ، وقاتل المحلّين ، وأعلمت الشيعة بعضهم بعضا بالخير الذي جاء من محمد ، فلم يبق بالكوفة شريف ولا وضيع ولا عربي ولا مولى ممن يعرف بمحبة أهل البيت إلّا بايعه سرا ما خلا عبيد الله بن