الحر الجعفي وإبراهيم بن مالك الأشتر ، فلما بلغهما أن محمد بن علي قد رخص الشيعة بالخروج معه ، أحب عبيد الله بن الحر أن يسبق إلى بيعته فجاء إليه وبايعه وتباطأ إبراهيم بن مالك.
فقال المختار لأصحابه : ما تقولون في ابن الأشتر؟ فقالوا : هو سيد قومه اليوم بهذا المصر ، فإن ساعدنا على أمرنا رجونا القوة على عدونا ، فإنه رجل شريف بعيد الصوت في قومه ، ذو عدد في عشيرته وعزّ ، قال : فصيروا إليه وكلموه بما نحن عليه من الطلب بدم الحسين عليهالسلام ، فإن فعل وإلّا صرت إليه بنفسي ، فخرج إليه جماعة فيهم : أبو عثمان النهدي ؛ وعامر الشعبي ؛ وأشباههما من ذوي العلم ، وصاروا إلى إبراهيم فدخلوا عليه فأدناهم وقربهم ، ورفع مجالسهم وقال : ألكم حاجة فتكلّموا رحمكم الله؟ فقال يزيد بن أنس النخعي وكان من الأبطال ـ : يا أبا النعمان! إنا قد أتيناك في أمر نعرضه عليك ، فإن قبلته كان الحظ فيه لك ، وإن تركته فقد أدّينا إليك النصيحة ، ونحن نحبّ أن تكون كلمتنا مستورة.
فتبسّم وقال : إنّ مثلي لا تخاف غايلته ، ولا تخشى سعايته ، ولا يتقرب إلى سلطانه ، باتباع مصائب إخوانه ، وإنما يفعل ذلك الصغار لا ذوو الأخطار ، فقولوا ما أحببتم ، فقال يزيد : صدقت لعمري ، إنا ندعوك لأمر قد اجتمع عليه الملأ من إخوانك ، ندعوك إلى كتاب الله وسنة رسوله ، والطلب بدماء أهل البيت ، وقتال المحلّين والدفع عن المستضعفين من آل رسول الله رب العالمين ، ثم قال أحمد بن شميط البجلي نحوا من ذلك ، فقام لهم إبراهيم : قد أجبتكم إلى الطلب بدماء أهل البيت على أنكم تولوني هذا الأمر ، فقال يزيد : إنّك والله ، لأهل لذلك ، ولكنا بايعنا هذا الرجل ـ يعني المختار ـ لأنه قد جاءنا من عند أبي القاسم محمد بن علي ، فهو