هلاكا لا تستقيله أبدا ، والسلام على من اتبع الهدى.
فلما فرغ من قراءة الكتاب قال : يا أبا إسحاق! إني كتبت إلى محمّد قبل اليوم وكتب إلي فما كان يكاتبني إلّا باسمه واسم أبيه ، وقد أنكرت في هذا قوله : المهدي! ، فقال : صدقت يا أبا النعمان! ذلك زمان وهذا زمان ، فقال : يا أبا إسحاق! فمن يعلم أنّ هذا كتاب محمد بن علي؟ فقام بضعة عشر رجلا من الشيعة فقالوا : نشهد أنّ هذا الكتاب من محمد بن علي إليك.
فقال إبراهيم : حسبي بهم شهودا ، ابسط يدك يا أبا إسحاق! فبسط المختار يده فبايعه إبراهيم ، ثم دعا بأطباق فيها فاكهة كثيرة فأكلوا منها ، ثم دعا بشراب من عسل وخل فشربوا منه ، ثم قال إبراهيم : يا غلام! عليّ بدواة وبياض ، فاحضرت ، فقال : يا شعبي! اكتب لي أسماء هؤلاء الشهود؟ فقال الشعبي : وما تصنع بهذا رحمك الله؟ فقال : احبّ أن تكون معي أسماؤهم ، فكتب الشعبي أسماءهم ودفعها إليه ، ثم قام المختار فخرج إبراهيم مشيعا إلى باب الدار ، ومضى المختار إلى منزله ، ولما أصبح أرسل على الشعبي ، وقال : قد علمت أنك لم تشهد البارحة بما شهد به أصحابي ، لا أنت ولا أبوك شراحيل ، فما منعكما من ذلك؟ فسكت الشعبي ولم يجب ، فقال المختار : تكلم يا عامر! أترى أنّ هؤلاء القوم الذين شهدوا البارحة على حق أم باطل؟ فقال الشعبي : لا والله ، يا أبا إسحاق! ما أدري غير أنهم سادات أهل العراق ومشيخة أهل هذا المصر وفرسان الناس وكبراء العرب ، فما أظن أنهم شهدوا إلّا بالحقّ.
فتبسم المختار وقال : إنهم والله ، لم يجدوا بدّا من ذلك ، وعسى الله أن يأتي بالفرج لأهل بيت نبينا على يدي ، ثم انصرف الشعبي إلى منزله