واعتقد أنّ الكتاب كان مزورا وأنّ المختار هو الذي كتبه.
وذكر أبو مخنف : أنّ عامر الشعبي قال : كنت والله ، متهما لشهادتهم ، غير أنه كان يعجبني الخروج معهم ، وكنت أرى رأي القوم في قتال قتلة الحسين ، واحبّ تمام الأمر ، ولم أطلع المختار على ما في نفسي ، وجعل إبراهيم يختلف إلى المختار كل ليلة وينصرف إلى أن اجتمعت آراؤهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة ست وستين ، فوطنوا أنفسهم على ذلك ، وأقبل إياس بن مضارب العجلي إلى عبد الله بن مطيع ـ وهو صاحب شرطته ـ ، فقال : إن المختار خارج عليك لا محالة فإن إبراهيم الأشتر قد بايعه سرا ، واشتمل ديوانه على بضعة عشر ألف رجل ما بين فارس وراجل ، فخذ حذرك! فأرسل ابن مطيع إلى قواده فجمعهم في قصر الأمارة ، ثم أخبرهم الخبر وقال : اريد منكم أن يكفيني كل واحد منكم ناحيته التي هو فيها ، فإن سمعتم الأصوات قد علت في جوف الليل فوجهوا إليهم الخيل واكفوني أمرهم.
فقالوا : نفعل ذلك أيها الأمير! ولا يهولنك أمر المختار ، فإنما بايعه شرذمة قليلة من هؤلاء الترابية ، وخرجوا منه ، فصار عبد الرحمن بن سعيد ابن قيس الهمداني إلى جبانة السبيع من همدان ؛ وصار كعب بن أبي كعب الخثعمي إلى جبانة بشير ؛ وصار زحر بن قيس إلى جبانة كندة ؛ وصار شمر ابن ذي الجوشن الضبابي إلى جبانة سالم ؛ وصار عبد الرحمن بن منقذ إلى جبانة الصيدائيين ؛ وصار يزيد بن الحرث بن رويم الى جبانة مراد ، وصار شبث بن ربعي الى السبخة ، فنزل هؤلاء القواد في هذه المواضع من الكوفة يوم الأثنين من شهر ربيع الآخر ، في الآلة والسلاح ، وخرج إبراهيم ابن الأشتر ليلة الثلاثاء إلى المختار ، وقد بلغه أنّ تلك الجبانات شحنت بالخيل