والرجال ، وأنّ الشرط قد أحاطوا بالأسواق ، فسار في مائة رجل من بني عمه عليهم الدروع قد ظاهروها بالأقبية ، حتى إذا جاوز دار عمرو بن حريث الى دار سعيد بن قيس ، ثم الى درب اسامة استقبلهم إياس بن مضارب العجلي صاحب الشرطة في نفر من أصحابه وفي أيديهم السلاح والحراب ، فقال : من هؤلاء؟ فقال له إبراهيم : نحن هؤلاء ، فامض لشأنك! فقال إياس : وما هذا الجمع الذي معك يا ابن الأشتر؟ فو الله ، إنّ أمرك لمريب ، وقد بلغني أنك تمرّ هاهنا في كل ليلة بجمعك هذا ، فو الله ، لا تزايلني حتى آتي بك إلى الأمير عبد الله بن مطيع فيرى فيك رأيه ، فقال إبراهيم : خل ويحك سبيلنا وامض لشأنك ، أنت تمضي بي الى الأمير ، يا ماص بضر أمه (١)؟ قال : نعم! فقال إبراهيم : يا عدو الله! ألست من قتلة الحسين بن علي؟ ثم التفت إلى رجل من أصحاب إياس يكنى أبا قطن الهمداني ، فتناول رمحه من يده وطعن إياس طعنة في صدره نكسته عن فرسه ، ثم قال لأصحابه : انزلوا فخذوا رأسه ، فنزل بعض أصحابه فاحتز رأسه ، ومر أصحاب إياس هربا على وجوههم ، وأتى إبراهيم الى المختار فقال : قم أيها الأمير! فقد كنا عزمنا على أن نخرج ليلة الخميس ، وقد حدث أمر فلا بدّ معه من الخروج الساعة ، فقال المختار : وما الأمر رحمك الله؟ فحدّثه الحديث ، فقال المختار : بشرك الله بخير فهذا أوّل الظفر.
ثم صاح المختار برجل من أصحابه فقال : يا سعيد بن منقذ! قم فاشعل النار في هراوي (٢) القصب ، وقم أنت يا عبد الله بن شداد! فناد في الأزقّة : يا منصور أمت! (٣) ، وقم أنت يا سفيان بن ليلى فناد في الناس بها ، وقم أنت
__________________
(١) البظر : الفرج ـ فهي كلمة تقولها العرب استحقارا.
(٢) الهراوى : أعواد القصب وغيره المجموعة كالاطنان.
(٣) يا منصور أمت : شعار في الحرب للنبي وعليّ (عليهماالسلام).