ففرقها على النّاس وحبس عنده ألف ألف درهم.
وذكر أيضا أبو مخنف : أنّ المختار سمع صوتا عاليا يناديه ويقول :
أمنن عليّ اليوم يا خير معد |
|
وخير من حلّ بشحر والجند |
وخير من زكى وصلّى وسجد |
|
بعد الرّسول والوصي المعتمد |
فسأل عنه ، فقالوا : من السجن ، فأحضره فإذا هو سراقة بن مرداس وكان قاتل قتالا شديدا فحبس ، فلما مثل بين يديه قال :
ألا أبلغ أبا إسحاق إنا |
|
نزونا نزوة كانت علينا |
خرجنا لا نرى الضعفاء شيئا |
|
فكان خروجنا بطرا وحينا |
لقينا منهم ضربا طلحفي (١) |
|
وطعنا مكبدا حتى انثنينا |
نصرت على عدوك كل يوم |
|
بكل كتيبة تنعى حسينا |
كنصر محمّد في يوم بدر |
|
ويوم الشعب إذ وافى حنينا |
فأسجح إذ ملكت فلو ملكنا |
|
لجرنا في الحكومة واعتدينا |
تقبّل توبة مني فإني |
|
سأشكر إذ جعلت النقد دينا |
قال : فعفا عنه ، وهذا سراقة هو الذي قال للمختار : رأيت الملائكة يقاتلون معك ، فقال له المختار : كذبت يا عدو الله! اخرج من الكوفة إلى أي بلد شئت ولا تساكني في الكوفة ، فخرج إلى البصرة.
قال : ثمّ نادى المختار : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس في المسجد ، وخرج المختار من قصر الامارة إلى المسجد فصعد المنبر ، وقال :
الحمد لله الذي وعد وليّه بالنصر والظفر ، وكتب لعدوه الخسر والخذل والختر ، وجعل ذلك إلى آخر الدهر قضاء مقضيا. ووعدا مأتيا ، وقولا
__________________
(١) الطلحفي : الضرب الشديد.