قفاه فقال لأعوانه : خذوا رأس عدو الله ، فأخذوا رأسه فجاء به حتى وضعه بين يدي المختار ، وابنه حفص واقف بين يدي المختار ، وهو ابن اخته في رواية الجماعة أو سبطه في رواية محمد بن إسحاق ، فقال المختار : أتعرف هذا الرأس يا حفص؟ قال : نعم ، هذا رأس أبي ولا خير لي في العيش بعده.
وفي رواية عبد الكريم بن حمدان : أنّ أبا عمرة لما قتل عمر أسرّ ابنه حفصا ، وجاء به إلى المختار مع الرأس فقال : الحقوا حفصا بأبيه ، فقال : أيها الأمير! ما شهدت كربلاء؟ قال : لا ، ولكنك تفتخر بأنّ أباك قتل الحسين ، فو الله ، لا تعيش بعده ، فضربت عنقه صبرا ، ثمّ وضع الرأسين بين يديه وقال : هذا بالحسين وهذا بعليّ ، ولا سواء وربّ الكعبة ، ثم صلب جسديهما منكسين ، وصبّ عليهما النفط فاحرقا ، ووجّه بالرأسين إلى المدينة ، ومعهما ثلاثون ألف دينار ، وكتب إلى محمد ابن الحنفية :
بسم الله الرّحمن الرّحيم ـ للمهدي محمد بن علي من المختار بن أبي عبيد الثقفي ، سلام عليك ، أما بعد : فإن الله تبارك وتعالى جعلني نعمة لأوليائكم ونقمة على قاتليكم وأعدائكم ، فهم من فضل الله العزيز الحكيم بين قتيل وأسير وشريد وطريد ، فنحمد الله على ذلك أيها المهدي حمدا يستوجب منه المزيد في العاجلة ، والمغفرة والرحمة في الآجلة ؛ وقد وجهت إليك برأسي عمر بن سعد وحفص بن عمر وقد قتلت ممن شرك في دم الحسين وأهل بيته من قدرت عليه ولن يعجز الله من بقي منهم ، ولست ألتذّ بالمنام ، ولا يسوغ لي الطعام ، ولا يطيب لي الشراب ولا يبقى أحد ممن شرك في دماء أهل بيتك ، وأنا أرجو أن يقتل الله عبيد الله بن زياد واصحابه المحلّين على يدي ، وقد وجهت إليك بثلاثين ألف دينار ، لتفرقها على من أحببت من أهل بيتك ، واكتب إلي برأيك فيما أحببت حتى أتبعه ، والسلام.