ثم دفع الكتاب والرأسين والمال الى مسافر بن سعيد الهمداني ؛ وابن عمارة التميمي ؛ وضمّ إليهما عشرين رجلا ووجّه بهما إلى محمد بن الحنفية وهو يومئذ بمكة ، فبينا هو جالس في نفر من شيعته يتحدث ويقول : ألا ترون إلى المختار يزعم : أنّه من شيعتنا وأنه يطلب بدم الحسين! وقتلة الحسين عن يمينه وشماله على الكراسي يحدثونه؟ وقد بلغني عن عمر بن سعد وابنه حفص يروحان ويغدوان عليه ، فما أتم كلامه إلا وكتاب المختار مع الرأسين والمال قد وافاه ووضع بين يديه ، فقرأ الكتاب وحوّل وجهه إلى القبلة وخرّ ساجدا ، ثم رفع رأسه وبسط كفيه وقال : اللهم! لا تنس هذا للمختار ، وأجزه عن أهل بيت نبيك أفضل الجزاء.
ثم أخذ بعض المال وفرّقه في مكة ، وأرسل الباقي إلى المدينة ففرق في أهل البيت وغيرهم من المهاجرين والأنصار ، ولما أحرق المختار الجسدين وبعث بالرأسين أمر بإحراق داري عمر بن سعد وابنه حفص فاحرقا جميعا.
١٠ ـ وذكر أبو مخنف في تاريخه الكبير : أنّ عبد الله بن دباس جاء إلى المختار فأخبره : أنّ في القادسية فرسانا من قتلة الحسين عليهالسلام فبعث إليهم المختار مالك بن عمرو النهدي وكان من رؤساء أصحابه فأتاهم وقبض عليهم وجاء بهم عشاء إلى المختار ، وهم : عبد الله بن النزال الجهني ؛ ومالك بن بشير البدي ؛ وحمل بن مالك المحاربي ؛ وكانوا فرسان عبيد الله بن زياد ، فقال لهم المختار : يا أعداء الله وأعداء رسول الله وأعداء آل الله! أين الحسين بن علي؟ أدوا إليّ الحسين ، قتلتم من أمركم الله بالصلاة عليه في صلواتكم؟ قالوا : رحمك الله ، بعثنا عبيد الله بن زياد ونحن كارهون قتاله ، فامنن علينا واستبقنا ، فقال لهم المختار : فهلا مننتم على الحسين واستبقيتموه؟ ثم قال لمالك بن بشير البدي : أنت صاحب برنسه؟ فقال عبد الله بن كامل :