نعم ، هو صاحب البرنس ، فقال المختار : اقطعوا يديه ورجليه ، ودعوه فليضطرب حتى يموت ، ففعل به ذلك فلم يزل يضطرب حتى مات ، وأمر عبد الله بن كامل فقتل عبد الله بن النزال الجهني ، وأمر مسعر بن أبي مسعر الحنفي فقتل حمل بن مالك المحاربي.
ثم عزم المختار على هدم دار أسماء بن خارجة الفزاري وإحراقها لأنه عمل في قتل مسلم بن عقيل ، فجعل يقول : أما وربّ السماء والماء ، وربّ الضياء والظلماء ، لتنزلن نار من السماء حمراء دهماء سحماء ، ولتحرقن دار أسماء ، فبلغ ذلك أسماء فقال : قد سجع أبو إسحاق بداري فليس لي مقام هنا بعد هذا ، فخرج أسماء الى البادية هاربا وأرسل المختار إلى داره ودور بني عمه ، فهدّمها عن آخرها ، ثمّ دعا برجل من أصحابه يقال له : حوشب بن يعلى الهمداني فقال له : ويحك يا حوشب! أنت تعلم أن محمد ابن الأشعث من قتلة الحسين بن علي وهو الذي قال له بكربلاء ما قال ، والله ، لا يهنيني النوم ولا القرار ، ورجل من قتلة الحسين يمشي على الأرض ، وقد بلغني أنه في قريته التي هي جنب القادسية فسر إليه في مائة رجل من أصحابك فإنك تجده لاهيا متصيدا ، أو قائما متبلدا ؛ أو خائفا متلددا ؛ أو حائرا مترددا ؛ فاقتله وجئني برأسه.
فخرج حوشب في مائة رجل من أصحابه وفرسانه حتى صار إلى قرية محمد بن الأشعث ، وعلم محمد بن الأشعث أنه لا طاقة له بحوشب بن يعلى ، فخرج من باب له آخر في جوف الليل هاربا ومضى نحو البصرة إلى مصعب بن الزبير فكتب حوشب إلى المختار بذلك ، فكتب إليه المختار : إنك قد ضيعت الحزم والفرصة ولم تأخذ بالوثيق ، فإذا فاتك الرّجل فاهدم قصره وبيته ، وخرب قريته وائتني بأمواله جميعا ، ففعل ذلك كله.