وبلغ محمد البصرة فقال له مصعب : ما وراءك يا ابن الأشعث؟ قال : ورائي الترك والديلم ، هذا المختار قد غلب على الأرض جميعا ، وهو يقتل الناس كيف شاء ، وقد قتل والله الى ساعته هذه ممن يتهم بقتل الحسين بن علي أكثر من ثلاثة آلاف رجل من فرسان العرب وشجعانهم وساداتهم وكبرائهم ، وقد أراد قتلي فهربت إليك خوفا منه ، فهذا ما ورائي.
وكان عبد الله بن همام سمع أبا عمرة صاحب الشرطة ينال من عثمان ابن عفان قبل مجيء المختار ؛ فضربه بسوطه ، فلما ظهر المختار خاف واستر حتى استأمن له عبد الله بن شرار ، فجاء إلى المختار ذات يوم فمدحه بقصيدة طويلة منها قوله :
وفي ليلة المختار ما يذهل الفتى |
|
ويلهيه عن رود الشباب شموع |
دعا يا لثارات الحسين! فأقبلت |
|
كتائب من همدان بعد هزيع |
ومن مذحج جاء الرئيس ابن مالك |
|
يقود جموعا عقبت بجموع |
ومن أسد وافى يزيد لنصره |
|
بكل فتى حامي الذمار منيع |
وسار أبو النعمان لله سعيه |
|
الى ابن إياس مصحرا لوقوع |
بخيل عليها يوم هيجا دروعها |
|
واخرى حسور غير ذات دروع |
فكرت خيول كرة أثقفتهم |
|
وشد بأولاها على ابن مطيع |
فآب الهدى حقا الى مستقرّه |
|
بخير إياب آبه ورجوع |
إلى الهاشمي المهتدي المهتدى به |
|
فنحن له من سامع ومطيع |
فقال المختار لأصحابه : أحسنوا جائزته فوصلوه ، وأحسنوا إليه ، ذكر الأبيات أبو مخنف.
رجعنا الى أخبار ما تقدم وكيفية قتل عبيد الله بن زياد قال : ثمّ دعا