عبد الملك بن مروان بعبيد الله بن زياد بعد قتل سليمان بن صرد الخزاعي وأصحابه فضم إليه ثمانين ألف رجل من أجناد أهل الشام وشجعانهم ، وقال له : يا ابن زياد! أنت تعلم أن أبي مروان قد أمرك بالمسير إلى العراق فتقتل أهلها حتى يستقيموا ، ثم إن الموت عاجله وأدركه فمضى لسبيله ، وقد وليتك أنا هذا الجيش الكثيف ، فسر نحو الجزيرة والعراق ، فإذا فرغت من أمر المختار فصر إلى مصعب بن الزبير بالبصرة فاكفني أمره وشرّه ، ثم صر إلى أخيه عبد الله بن الزبير بالحجاز ، فاكفني أيضا أمره وشره ، فإذا فرغت من ذلك فلك جميع ما غلبت عليه بسيفك من أرض الشام إلى مطلع الشمس.
فسار عبيد الله ومعه ثمانون ألفا ما بين فارس وراجل حتى نزل الجزيرة ، ثمّ أرض نصيبين ، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن سعيد الهمداني وهو عامل المختار على الموصل وما والاها ، فكتب بذلك الى المختار يخبره ، وخرجت مقدمة ابن زياد في عشرين ألفا نحو الموصل فخرج عامل المختار إلى تكريت ، فكتب إليه المختار :
بلغني كتابك وما ذكرت فيه من أمر عدو الله ورسوله عبيد الله بن زياد ، ولقد أصبت في تنحيك من بين يديه إذ كنت لا تقوم لجيشه ، فانظر لا تبرح من مكانك حتى يأتيك أمري ، ثم دعا المختار برجل من سادات الكوفة وشجعانها وهو يزيد بن أنس الأسدي ، وقال له : يا يزيد! إنّ هذا عبيد الله بن زياد قد أقبل في المحلين وأبناء القاسطين ، فسر إليه أنت في المؤمنين ، وأطلب بدم ابن بنت الرسول الأمين. فقال له يزيد بن أنس : أيها الأمير! ضم إليّ ثلاثة آلاف رجل ممن انتخبهم أنا وخلني والوجه الذي يوجهني الله تبارك وتعالى إليه ، فإن احتجت إلى مدد فأنا سأكتب لك بذلك ولا قوة