إلّا بالله.
فقال له : اخرج إذن وانتخب رحمك الله من شئت وأحببت على بركة الله وعونه ، فخرج يزيد بن أنس وجعل ينتخب القائد بعد القائد والرجل بعد الرجل ، حتى انتخب ثلاثة آلاف من سادات فرسان العراق وشجعانهم ، وانفصل من الكوفة ؛ وخرج المختار يشيعه حتى إذا صار إلى دير أبي موسى التفت إليه المختار ، وقال له يوصيه : يا يزيد! انظر إذا لقيت عدوك نهارا فلا تنظرهم إلى الليل ، وإن أمكنتك الفرصة فلا تؤخرها البتة ، وليكن خبرك عندي كلّ يوم ، فإن احتجت إلى مدد فأكتب إليّ بذلك سريعا. فقال يزيد له : أيها الأمير! إني ما اريد منك أن تمدني إلّا بالدعاء الصالح ، فكفى به لي مددا إن شاء الله.
وكتب المختار إلى عبد الرحمن بن سعيد الهمداني بتكريت :
أما بعد : فقد وجهت إلى ما قبلك يزيد بن أنس الأسدي وهو من قد علمت في البأس والشدّة ، فإذا قدم عليك فخل بينه وبين البلاد ، وكن تحت رايته مطيعا له ، والسلام.
فسار يزيد بن أنس حتى صار إلى تكريت ، فصار إليه عبد الرحمن بن سعيد في ألف رجل مقاتل ، فصار يزيد في أربعة آلاف فارس ، وأقبل حتى نزل على خمسة فراسخ من الموصل ، وبلغ ذلك عبيد الله بن زياد فوجّه إليه بقائد من قواد أهل الشام وهو ربيعة بن مخارق في ثلاثة آلاف فارس ، واتبعه بقائد آخر وهو حملة بن عبد الله الخثعمي في ثلاثة آلاف فارس ، وأقبل القوم حتى نزلوا بحذاء يزيد بن أنس ، واعتلّ يزيد بن أنس في تلك الليلة علّة شديدة ، وأصبح موعوكا لما به من المرض ، فدعا بحمار له أسود مقطوع الذنب والاذنين بصري ، فاستوى عليه وجعل يجول في عسكره