يقدمها رأس عبيد الله بن زياد فاستقبلتها الشيعة فرحين ، يحمدون الله الّذي أهلكهم وشفى صدور المؤمنين ، وكان المختار قبل مجيء الرءوس يقول : سيأتينا الفتح غدا في رأس ابن مرجانة ، فلمّا ورد في غد ، زعم بعض من لا علم له : أنه يعلم الغيب ، وافتتن به خلق من أهل الكوفة ، حتى قال الشعبي : يا قوم! لا يفتننكم الشيطان ، ما ذلك إلّا فراسة مؤمن فقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فراسة المؤمن لا تخطئ.
ثم إن المختار بعث برأس عبيد الله بن زياد ، ورأس الحصين بن نمير ؛ ورأس شرحبيل بن ذي الكلاع إلى محمّد بن الحنفية وصلب باقي الرءوس حول الكوفة ، وكتب إلى محمّد ومع الكتاب ثلاثون ألف دينار :
بسم الله الرّحمن الرّحيم للمهدي محمّد بن علي ، من المختار بن أبي عبيد سلام عليك ، أما بعد ـ فأحمد الله الذي أخذ لك بالثأر ، من الأشرار ، المطلوبين بالأوتار ، فقتلهم في كل فج بقهر ، وأغرقهم في كلّ نهر ، وأهلك أولياءهم بالقهر ، فشفى الله بذلك قلوب المؤمنين ، وأقرّ عيون المسلمين ، إذ أهلك المحلّين ، وأبناء القاسطين ، وإذا أنزل بهم ما أنزل بثمود وعاد وغرقهم تغريق فرعون ذي الأوتاد ، الذين طغوا في البلاد ، وأكثروا فيها الفساد ، لقد قتلوا أشر قتلة ، ومثل بهم أقبح مثلة ، وقد وجهت إليك برأس ابن زياد من ذوي الإلحاد ، ليكبت بذلك الأعداء ذوو الأحقاد ، ويفرح ذوو الولاء والوداد ، ووجّهت معها ثلاثين ألف دينار ، لتنفقها على أهل بيتك وشيعتك ، والسلام.
فلما ورد الكتاب على محمد قرأه على أهل بيته ، فحمدوا الله وصاموا له شكرا وأمر محمد أن تصلب الرءوس خارج الحرم ، فمنعه عبد الله بن الزبير ، فدفنت.