ثم قال إبراهيم لأصحابه : إني تبعت البارحة رجلا وقد اختلط الظلام في يده هذه الصفيحة ، وتحته فرس جواد ، فقتلته وأنا أشمّ منه رائحة المسك ، فأخذت الصفيحة وفاتني الفرس ، فقال بعض أصحابه : أصلح الله الأمير! الفرس أنا أمسكته وسأجيئك به فقد جعله الله لك ، قال إبراهيم : إنّ بزته حسنة ، ولامته كاملة ، فانظروه بجانب شاطئ الفرات بموضع كذا وكذا ، فذهب القوم فإذا هو عبيد الله بن زياد فأتوا برأسه ووضعوه بين يديه ، فلما رآه عرفه وقال : الله أكبر! وخرّ ساجدا ، ورفع رأسه وهو يقول : الحمد لله الذي جعل قتله على يدي ، فبذلك يقول بعض الشعراء من أصحاب إبراهيم :
فدى لغلام من عرانين مذحج |
|
جريء على الأعداء غير نكول |
أتاه عبيد الله في شرّ عصبة |
|
من الشام واستجلى بخير قبيل |
فلما التقى الجمعان في حومة الوغى |
|
وجرّ الردى في الحرب فضل ذيول |
فولى عبيد الله خوفا من الردى |
|
وخشية ماضي الشفرتين صقيل |
فيعلوه إبراهيم بالسيف فاصلا |
|
فطاح على البوغاء شرّ قتيل |
جزى الله خيرا شرطة الله أنهم |
|
شفوا بعبيد الله كل غليل |
ثم أمر إبراهيم برأس عبيد الله بن زياد ـ ؛ ورأس الحصين بن نمير السكوني ؛ ورأس شرحبيل بن ذي الكلاع الحميري ؛ ورأس ربيعة بن مخارق الغنوي ؛ ورءوس أشباههم من رؤساء أهل الشام ؛ فقورت ونقضت ، وكتبت الرقاع بأسماء أصحابها وبعث بها إلى المختار ، وكتب له يخبره بالواقعة كيف فعل بالمحلّين ، وقتلة أهل البيت؟ وكيف أباد خضراءهم؟ فوردت الرءوس على أهل الكوفة تنيف على سبعين رأسا