أذلاء مشردون عن بلادنا ، مطرّدون عن أهلنا وأولادنا ، فكرّوا عليهم كرة صادقة ، فكرّوا عليهم فقتل الأمير الأحمر بن شميط وانهزم أصحابه إلى الكوفة.
فنزل بالمختار أمر عظيم من مقتل أصحابه ، فكتب إلى إبراهيم بن الأشتر أيضا فلم يجبه ، وأقبل مصعب حتى نزل بواسط ثم أمر أصحابه الرجّالة فقعدوا بالسفن ، وساروا في نهر يخرجهم إلى الفرات ، وبلغ ذلك المختار فأمر بكل نهر يحمل من الفرات فسدّه ، فبقي أصحاب مصعب في الطين ، فخرجوا من السفن وساروا على الظهر حتى نزلوا حروراء ، وخرج المختار من الكوفة حتى نزل بإزائهم ، وقال : يا له من يوم لو حضرني فيه ابن الأشتر ، وو الله ، ما من الموت بدّ ، ثم اختلط الفريقان بالحرب ، فأرسل مصعب إلى المهلب : ما تنتظر أن تحمل على من بإزائك ، فالتفت المهلب إلى أصحابه ، وقال : يظن الأمير أنا نلعب ولا يعلم بأني ما قاتلت قتالا أشدّ من هذا ، ثم حملوا على أصحاب المختار فكشفوهم ، فصاح المختار : أين أصحاب الصبر واليقين؟ فثاب إليه زهاء خمسمائة رجل ما فيهم رجل إلّا وهو يعد برجال ، فجعلوا يقاتلون قتالا لم تسمع الناس بمثله ، فالتفت رجل من أصحاب المختار يقال له : عبد الله بن عمرو النهدي ، فقال : ويحكم! أروني الموضع الذي فيه محمد بن الأشعث فإنه والله ممن قاتل الحسين وشرك في دمه ، وقال له : أي قرابة بينك وبين رسول الله.
فقالوا له : هو في الكتيبة الحمراء على فرس له أدهم فقال : بلى والله ، قد رأيته فذروني وإياه ، ثم رفع رأسه إلى السماء ، وقال : اللهم! إني على ما كنت عليه بصفين ، اللهم! وإني أبرأ ممن قتل آل بيت نبيك محمد أو قاتلهم أو شرك في دمائهم ، وحمل حتى خالط أصحاب مصعب فجعل يضرب