بدومة وهي من بنات سادات ثقيف؟ نعم ، أنا ابن دومة ، حسناء الحومة ، لا يسمع فيها لومة ، أما والله ، لو كان من يعيرني بدومة من إحدى القريتين لما عدا ، ولكن إن كنتم رجالا كما تزعمون ، فاثبتوا لي قليلا فو الله لاقاتلنكم قتال مستقتل قد آيس من الحياة. ثم صبّ عليه درعه وسلاحه واستوى على فرسه وتمثل بقول غيلان بن سلمة الثقفي :
ولو يراني أبو غيلان إذ حسرت |
|
عني الهموم بأمر ماله طبق |
لقال رعبا ورهبا يجمعان معا |
|
غنم الحياة وهول النفس والشفق |
والموت أحمد شيء للكريم إذا |
|
طغى له الدهر والآجال تحترق |
ثم أمر بباب القصر ففتح وخرج في نحو مائتي رجل ممن يقي بهم فكرّ على أصحاب مصعب حتى هزمهم وركب بعضهم بعضا ، فنظر إليه رجل من أهل البصرة وهو يحيى بن ضمضم الضبي ـ وكان فارسا طويلا إذا ركب خطت رجلاه الأرض من طوله ، ولم يكن في عسكر مصعب أفرس منه ـ ، فحمل على المختار ليضربه فاستقبله المختار وضربه على جبينه فخرّ صريعا وحملت الكتائب على المختار من كل جانب ، فجعل يحاربهم ويرجع إلى ورائه حتى دخل القصر فأحاطت الخيل بالقصر ، وحاصروه أشدّ الحصار ، فتمثل السائب بن مالك الأشعري بقول عبد الله بن حذاق :
هل للفتى من بنات الدّهر من واق |
|
أم هل له من حمام الموت من راق |
كأنني قد رماني الدهر عن عرض |
|
بنافذات بلا ريش وأفواق |
وغمضوني ولم يألوا بنعيهم |
|
وقال قائلهم أودى ابن حذاق |
وقد دعوا لي أقواما وقد غسلوا |
|
بالماء والسدر جثماني وأعلاقي |
ورجلوني وما رجلت من شعث |
|
وألبسوني ثيابا غير أخلاق |
ورفعني وقالوا أيما رجل |
|
حامي الحقيقة قد وافى بميثاق |