ومناه ، فكتب إبراهيم إلى عبد الملك بن مروان : إنه ما من قبيلة بالشام إلّا وقد وترتها يوم ابن زياد ، فلا آمنهم وإنما قبيلتي بالعراق ، وبعض الشرّ أهون من بعض ، وصار إلى مصعب فخلع عليه مصعب ، وأجلسه معه على سريره.
وكتب إلى أخيه عبد الله بذلك ، فسرّ بمقدم إبراهيم ، ثم إن مصعبا أعاد المهلّب إلى حرب الأزارقة ، وبقى عبد الله بن الزبير يجدّ في مناوأة محمد بن الحنفية وابن عباس وبقية أهل البيت ، حتى حبسهما إذ لم يجيباه إلى البيعة ، وكان قبل ذلك حبس محمد بن الحنفية في قبّة الشراب ، فعلم المختار بذلك فأرسل إليه أبا عبد الله الجدلي في جيش عظيم فخلّصه ، وتوعد ابن الزبير أن أخافه ، فأمسك ابن الزبير الى أن قتل المختار ، فعاد إلى ما كان عليه من العداوة ، حتى قال يوما لابن عباس : إنه قد قتل المختار الكذاب الذي كنتم تمدون أعينكم إلى نصرته ، فقال ابن عباس : دع عنك المختار فإنه قد بقيت لك عقبة تأتيك من الشام ، فإذا قطعتها فأنت أنت ، وإلا فأنت أهون من كلب في درب المسجد.
فغضب وقال : إني لم أعجب منك ، ولكن أعجب مني إذ أدعك تتكلم بين يدي بملء فمك ، فتبسم ابن عباس ، وقال : تكلّمت والله ، بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وعند أبي بكر غلاما ، وعند عمر وعثمان وعليّ رجلا ، وكانوا يرونني أحقّ من نطق ، يسمعون رأيي ، ويقبلون مشورتي ، وهؤلاء الذين ذكرتهم بعد رسول الله خير منك ومن أبيك ، فازداد غضبه ، وقال له : لقد علمت أنك ما زلت لي ولأهل بيتي مبغضا ، ولا زلت لكم يا بني هاشم! منذ نشأت مبغضا ، ولقد كتمت بغضكم أربعين سنة ، فقال ابن عباس له : فازدد في بغضنا ، فو الله ، ما نبالي أحببتنا أم أبغضتنا؟