فقال ابن الزبير : اخرج عني فلا أراك بعد هذا تقربني ، فقال ابن عباس : أنا زاهد فيك من أن تراني عندك ، ثمّ عاد ابن الزبير فقال : ذر عنك هذا وارجع الى ابن عمك ـ يعني محمّد بن علي عليهالسلام ـ وقل له : فليخرج من جواري ولا يتربص ، فإني لا أظنه سالما مني أو يصيبه ظفر ، فقال ابن عباس : مهلا ، يا ابن الزبير! فإن مع اليوم غدا ، فقال ابن الزبير : صدقت مع اليوم غد ، وليس يجب عليك أن تكلمني في رجل ضعيف سخيف ليس له قدم ولا أثر محمود ، قال : فتنمر ابن عباس غضبا وقال : ليس على هذا صبر يا ابن الزبير! والله ، إن أباه لخير من أبيك ، وأنّ اسرته لخير من اسرتك ، وانه في نفسه لخير منك ، وبعد فرماه الله بك إن كان شرا منك في الدنيا والدين.
ثم نهض مغضبا وخرج وهو يقول : لأنملة من محمد بن الحنفية أحبّ إلي من ابن الزبير وآل الزبير ، وأنه والله ، لأوفر منهم عقلا ، وأفضل دينا وأصدق حياء ، وأشد ورعا ، ثم خرج ابن الزبير في عدّة أصحابه ، وقام في الناس خطيبا فقال : أيها الناس! إنّ فيكم رجلا أعمى الله بصره يزري على عائشة أم المؤمنين ، ويعيب طلحة والزبير حواري رسول الله يريد بذلك ابن عباس ، وكان ابن عباس حاضرا في المسجد ، فلما سمعه وثب قائما وقال : يا ابن الزبير! أما ما ذكرت من أم المؤمنين عائشة فإنّ أوّل من هتك حجابها أنت وأبوك وخالك طلحة ، وقد أمرها الله أن تقرّ في بيتها فلم تفعل فتجاوز الله عنها ورحمها ، وأما أنت وأبوك وخالك فقد لقيناكم يوم الجمل ، فإن كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم المؤمنين ، وإن كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم من الزحف.
فقال ابن الزبير : اخرج عني ولا تجاورني! فقال ابن عباس : نعم