الزبير حتى أخرجه من جلده ، فأخبر بذلك عبد الملك ، فأمره أن يسير إلى مكة وضمّ إليه ستة آلاف فارس : ألفين من أهل الشام ؛ وألفين من مصر ، وألفين من العراق ، وقال : انظر يا حجاج! أن لا تطأ الحرم بالخيل والجنود ، ولكن انزل حيث شئت من أرض الحجاز ، وامنع ابن الزبير الميرة ، وخذ عليه الطرق.
فوثب إبراهيم بن الأسود النخعي ، فقال : يا أمير المؤمنين! قد بعثت هذا الغلام الثقفي إلى مكة فمره أن لا يهتك أستارها ، ولا ينفر أطيارها ، وأن يأخذ على ابن الزبير شعابها وجبالها ، حتى يموت فيها جوعا وعطشا ، أو يخرج عنها مخلوعا. فقال عبد الملك : قد أوصيناه بذلك ، ولن يجاوز أمرنا إن شاء الله تعالى.
فسار الحجاج ونزل على بئر ميمون وقطع الميرة على ابن الزبير ، وطال ذلك ، فلم يطع ابن الزبير ، فكتب الحجاج بذلك إلى عبد الملك ، فكتب إليه : أن اعطه الأمان ، فإن لم يخرج فجدّ في حربه ، فدعاه الحجاج إلى الأمان فلم يقبل ، فحاربه حتى التجأ إلى المسجد ، فدخلوا عليه المسجد فقاتلهم حتى قتل وقتل أصحابه ، فأمر الحجاج بعبد الله بن الزبير فصلب منكسا ، وكان مقتله سنة ثلاث وسبعين وهو ابن ثلاث وسبعين أيضا.
ولما قتل وقف عليه عبد الله بن عمر فبكى واستغفر له ، وقال : أما والله ، يا ابن الزبير! لئن علتك رجلاك اليوم فطالما قمت عليها في ظلمة الليل بين يدي ربك ، وإني لأسمع قوما يزعمون : أنك شرّ هذه الامة ، فلقد أفلحت امة أنت شرّها.
وجاءت إليه أمه أسماء في اليوم الثالث ، وهي مكفوفة ، فقالت : اللهم! إني راضية عنه فارض عنه ، ثم جاءت إلى الحجاج ، فقالت له : أما