أحدث ـ في وقته ـ نقلة جديدة في المسار الفكري ، وتطورا واسعا في بابه لا سيما في حقول التفسير ، والحديث ، والفقه ، والأصول ، والرجال.
وبالجملة ، فإن مؤلفاته رضياللهعنه لم تفقد أهميتها العلمية إلى الآن على الرغم من مرور أكثر من عشرة قرون على تأليفها ، وقد وصفها السيد محسن الأمين رحمهالله بقوله : «هي من عيون المؤلفات النادرة التي من شأنها أن توضع في أعلى رف من المكتبة العربية ، إذا وضعنا مؤلفات الناس في رفوف متصاعدة حسب قيمتها العلمية» (١).
هذا ، ويمكن توزيع مؤلفات الشيخ الطوسي رضياللهعنه على أربع مراحل من مراحل حياته الشريفة ، وهي المراحل التي امتدت من فترة دخوله إلى بغداد سنة ٤٠٨ ه إلى حين وفاته في النجف الأشرف سنة ٤٦٠ ه.
وأما السنوات التي أمضاها من عمره قبل وصوله إلى بغداد ، فلم يعرف له تأليف فيها ، والمتيقن أنه ـ بعد سن الطفولة ـ اشتغل في غضون تلك السنوات بتحصيل علوم الشريعة الإسلامية ، ويؤيد ذلك أنه ما أن وصل بغداد إلا وقد التحق ـ وهو في سن الثالثة والعشرين من العمر ـ بمدرسة الشيخ المفيد رحمهالله ، الذي كان زعيما للشيعة وقطبهم في وقته ، وهذه السن لا تكفي لتحصيل سائر العلوم الإسلامية والنبوغ فيها باستثناء القلة القليلة من النابغين ، كالمحمدين الثلاثة ونظرائهم رضي الله تعالى عنهم.
نعم ، كان وصوله إلى بغداد بداية لتلك المراحل التي ألمحنا إليها آنفا ، وهي :
المرحلة الأولى : ابتدأت من دخوله إلى بغداد سنة ٤٠٨ ه ، وانتهت
__________________
(١) أعيان الشيعة ـ للسيد محسن الأمين ـ ٩ / ١٦١ في ترجمة الشيخ الطوسي.