عرفوه سابقا من أسس في حضاراتهم.
وعلى كل حال فإن حالة الجفاف ، والطبيعة الصحراوية ، كانت من جملة الأسباب التي جعلت سكان الجزيرة في تقاتل وتنازع مستمر ، فكانوا يسفكون الدماء (من غارات مشنونة وأرحام مقطوعة) من أجل توفير العيش الرغيد ، وإذا لم يجدوا النهب المراد عند الأعداء أغاروا على الأصدقاء وحتى على الأخوة ، وقد وصفهم القطامي بشعره ، فقال :
وكن إذا أغرن على قبيل |
|
وأعوزهن نهب حيث كانا |
أغرن من الضباب على حلال |
|
وضبة إنه من حان حانا |
وأحيانا على بكر أخينا |
|
إذا ما لم نجد إلا أخانا |
ووصفهم الإمام علي عليهالسلام في نهج البلاغة بقوله :
«... وأطباق جهل من بنات موؤودة ، وأصنام معبودة ، وأرحام مقطوعة ، وغارات مشنونة ...» (١).
وقوله «... وأنتم معشر العرب على شر دين ، وفي شر دار ، منيخون بين حجارة خشن ، وحيات صم ، تشربون الكدر ، وتأكلون الجشب ، وتسفكون دماءكم ، وتقطعون أرحامكم ، الأصنام فيكم منصوبة والآثام بكم معصوبة ...» (٢).
وقالت الزهراء عنهم في خطبة طويلة ، منها :
«تشربون الطرق (٣) وتقتاتون الورق (٤) ، أذلة خاسئين (تخافون أن
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ / ١٧٨ خطبة ١٨٧.
(٢) نهج البلاغة ١ / ٦٢ خطبة رقم ٢٥.
(٣) الطرق ، بالفتح : ماء السماء الذي تبول فيه الإبل وتبعر.
(٤) تقتاتون الورق : أي تأكلون ورق الشجر ، وفي آخر : ما يعني الجلد غير المدبوغ.