ولا يفوتنا أن نذكر بأن أنس بن مالك كان من الذين ختم في أعناقهم الحجاج بن يوسف الثقفي ـ سفاك العراق ـ إذلالا لهم!! (١).
تعليق واستنتاج :
اتضح للمطالع ـ على ضوء الصفحات السابقة ـ شرعية التدوين على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسقم رأي من يذهب إلى حظره من قبل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأن الرسالة المحمدية لا يمكن بقاؤها إلا بحفظ السنة وتناقلها ، لكن الظروف دعت الخلفاء بعد الرسول ـ أصحاب الرأي ـ أن يمنعوا الصحابة من تناقل أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لأمور رأوها! ـ فكان مما لا محيص عنه هو نسبة النهي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كي يعذروا الشيخين ومن يسير على نهجهم ، وأن يعطوا لفعلهم الشرعية!!
نعم ، إننا لا ننكر أن اتجاه الرأي كان سائدا على عهد الرسول ، إذ كان بعض الصحابة ينتهج منهج الطاعة والامتثال ـ لله ولرسوله ـ وليس لهم الخيرة من أمرهم ، لقوله تعالى : (من يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه أولئك هم الفائزون) (٢) ..
وقوله تعالى : (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) (٣) ..
وقوله تعالى : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر
__________________
(١) أنظر : أسد الغابة ٢ / ٤٧٢ ترجمة سهل الساعدي.
(٢) سورة النور ٢٤ : ٥٢.
(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٦.