ولم يقتصر هذا النوع من الرجال على المشركين أو المنافقين وأصحاب المصالح من المؤلفة قلوبهم وغيرهم ، بل كان بينهم المسلمون الذين لا يعرفون ما للنبي من مكانة ومنزلة ، فترى هؤلاء يرفعون أصواتهم على صوت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويتثاقلون عن الجهاد في سبيل الله ، ويعترضون على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أعماله ، ويتبعون ما تمليه المصلحة التي يتخيلونها عليهم ، رغم وجود النصوص ، ويفتون بالرأي بحضرته ، وقد نزل الوحي بذلك في آيات كثيرة ، منها :
قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) (١).
وقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) (٢) ..
وقوله سبحانه : (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله) (٣) ..
وقوله تعالى : (ومنهم الذين يؤذون النبي) (٤).
وعليه : فالصحابة المتعبدون هم الذين أخذوا بكلام الله ورسوله ، ولم يجتهدوا أمام النص ، ولم يطلبوا من الرسول تبديل حكم الله ، وقد جاء وصفهم في الذكر بقوله تعالى : (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) (٥) ، ففي قوله تعالى ما يشير إلى وجود جمع يحاولون
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ٢.
(٢) سورة التوبة ٩ : ٣٨.
(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٧.
(٤) سورة التوبة ٩ : ٦١.
(٥) سورة الأحزاب ٣٣ : ٢٣.