وفي آخر : أبهذا أمرتم؟! ولهذا خلقتم؟! أن تضربوا كتاب الله بعضا ببعض ، انظروا ما أمرتم به فاتبعوه ، وما نهيتم عنه فانتهوا (١).
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنه غضب حين أمر الصحابة بالحلق والإحلال من الإحرام في صلح الحديبية ، فلم يفعلوا ، إذ شق ذلك عليهم ، فانتظروا حتى أتم صلىاللهعليهوآلهوسلم مناسكه وأعماله وأحل فأحلوا ، مع أن تكليفهم كان الإحلال من قبل.
وهذه النصوص التي ذكرناها تؤكد وجود اتجاه كبير يرتضي لنفسه التشريع ولا يتعبد بقول الرسول ، وإن استقرار أمثال هؤلاء في صدارة التشريع بعد الرسول يبعث على التثبت أكثر من النصوص الصادرة عنهم ، وهل أنها قد تأثرت بالأفكار السابقة أم لا؟ فإن معرفة هذا الترابط يجعلنا نفهم الحقائق بصورة أخرى.
والآن مع بعض الأحاديث التي كتبها الخليفة الثاني عن كتب التوراة ، ومدى تأثير تلك الواقعة على سلوكه في العصر اللاحق.
مع أحاديث التهوك :
روي عن عمر أنه قال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنا نسمع أحاديث من يهود ، تعجبنا ، أفترى أن نكتبها؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية (٢).
وروى الخطيب بسنده عن عبد الله بن ثابت الأنصاري ـ خادم
__________________
(١) كنز العمال ١ / ١٩٣ ح ٩٧٧ ، عن مسند أحمد ٢ / ١٧٨.
(٢) النهاية ـ لابن الأثير ـ ٥ / ٢٨٢ ، حجية السنة : ٣١٧ ، جامع بيان العلم ٢ / ٤٢.