وقبل طي صفحاته ، نود الإشارة السريعة إلى خطأ ما قد يتصور من انتهاء سلبية الموقف الحكومي الشاذ بعد عهد عمر بن عبد العزيز الأموي (ت ١٠١ ه) ، الذي أوعز ـ في فترة سلطته ـ إلى أبي بكر محمد بن عمرو ابن حزم الأنصاري الخزرجي (ت ١٢٠ ه) بكتابة الحديث خوفا من اندراسه ، لما رأى تعسف آبائه وقادته وأسلافه ، وسعيهم الجاد في محاولة انطماسه ، وذلك ببقاء سلبية الموقف الرسمي وتحكم شذوذه واستمرار أهدافه وأغراضه حتى بعد رفعه ، وبصورة جلية ، وشكل علني واضح وصريح.
وغاية ما حصل هو أن تحول الحظر العام ـ لأجل نمط معين من الأحاديث ، أو لتمرير الأخطاء الفاحشة في الإفتاء على المسلمين دون رقيب وحافظ للسنة ، لكي لا يلوح بها في وجه السلطة ويصحح أخطاءها بما عنده من حديث ، أو لكليهما معا ـ إلى حظر خاص استهدف ذلك النمط من الأحاديث بعينه.
وهكذا أصبحت النظرية السياسية في الحكم التي جاءت بها السقيفة ، وثقف الحظر عقول الناس بها مؤصلة في الحظر الخاص بتدوين ما يخدم أصولها ، ويضفي عليها الشرعية ، ويمنحها القدسية ، ويرفع من شأن قادتها إلى مستوى الاعتقاد بحجية أقوالهم! مع عدم الاكتراث بما عند أهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم من مدونات حديثية سبقت انفتاحهم على التدوين ، إذ لم تشهد قط فترة انقطاع تفصلها عن مصدر ومعين الحديث الثر ، كل ذلك لتشتيت مبدأ النص والتعيين ، تارة بتطويق أنصاره ، وأخرى بإخراج أخبارهم من فلك التدوين.
بينما كان المنطق والعقل السليم يفرضان على مدوني تلك الفترة أن